لاشك أن الرقم2010 رقم براق وجميل ويحمل في طياته معاني كثيرة أهمها أنه الرقم المميز للعام الميلادي الحالي هذه العام الذي بدأ ببهجة عارمة للمصريين عندما فاز المنتخب الوطني بكأس أفريقيا فالبداية السعيدة رغم كونها مجرد حدث رياضي إلا أنها قد تكون فألا حسنا لعام جديد يحمل معه أمالا عريضة لهذا الشعب المكافح الصبور الذي يعيش متطلعا لحلم قومي كبير يعبر به لبر الأمان والاستقرار. فالحقيقة المؤكدة أن هذا العام يعتبر من أهم الأعوام في تاريخنا المعاصر حيث تجري خلاله الانتخابات البرلمانية لكل من مجلسي الشوري والشعب علي التوالي الأولي تجديدا نصفيا للشوري خلال النصف الأول من العام والثانية انتخابات مجلس الشعب خلال النصف الثاني. وهكذا فالشهور القادمة تعني الكثير لمستقبل هذه الأمة بل أن شعوب المنطقة والعالم كله ستراقب مصر وهي تجتاز تلك المرحلة الهامة من تاريخها السياسي الحديث, فهذا البلد الكبير له ثقله ووزنه علي مستوي الدول العربية والافريقية بل يمتد إلي أوروبا وآسيا وكثير من بلدان العالم. من أجل كل هذا أصبح لزاما علينا أن ندرس ونحلل ونستخلص النتائج التي من شأنها أن تنير لنا الطريق خلال المرحلة القادمة, حيث إن هذه التجربة الانتخابية سوف تكون مفتاح النجاح للتجربة الأكبر والتي سوف يشهدها عام2011 بإذن الله أثناء انتخابات رئاسة الجمهورية فنثبت للعالم أننا فعلا دولة ذات حضارة وتاريخ تقدم النموذج الديمقراطي الذي يصلح لشعوب المنطقة المحيطة بنا. من أجل كل ذلك علينا قراءة الوضع الحالي الوطني وتأثير الواقع المصري علي مجريات الأمور وماهي الواجبات وماهي الحقوق ومن هم أطراف القضية وما هو السبيل لتحقيق الآمال والطموحات التي نتطلع إليها جميعا. إن نجاح العملية الانتخابية القادمة يقوم علي أربع ركائز أساسية, الأولي المواطن والثانية منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والثالثة الأحزاب السياسية بطوائفها المختلفة أما الركيزة الرابعة فهي الحكومة نفسها, وهنا علينا أن ندرس ونحلل أوضاع كل ركيزة من تلك الركائز آملين أن تؤدي هذه الدراسة التحليلية إلي نتائج تعمل علي تحقيق الهدف الذي نسعي من أجله والذي يتمثل في بناء برلمان قوي يمثل هذا الشعب الكبير بطموحاته العريضة برلمان يضم رموزا وطنية تحمل هموم المواطن ومشاكله تعمل من أجله لاتخشي سوي المولي عز وجل فتنقد وتحاسب وتقدم الحلول لاتسيء ولاتشوه السمعات, تحفظ كرامة المواطن وتلاحق المفسدين, تتمسك بالقانون وتعلي من شأنه, تنبذ الشقاق وتعظم الشفافية, تضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأقدار المواطنين ومصالحهم. والمتأمل للوضع الحالي لركائزنا الأربع التي ذكرناها يجد أن الركيزة الأولي هي المواطن المصري والذي يبدو وكأنه في حالة متابعة وترقب وحاله يقول ماذا علي أن أفعل وكيف أشارك ولماذا أشارك. وهنا علينا أن نساعد هذا المواطن ونقدم له الإجابات فالمشاركة في العملية الانتخابية هي عملية أمانة وواجب وطني وعلينا أن نعمق في ذهن ووجدان المواطن أن صوته الانتخابي هي عملية أمانة وواجب وطني وعلينا أن نعمق في ذهنه ووجدان المواطن أن صوته الانتخابي جزء من كيانه وكرامته وأن عدم مشاركته في الانتخابات يمثل تفريطا في واحد من أهم حقوقه والمتابع لحال الشارع المصري خلال السنوات الماضية ومنذ أكثر من خمسين عاما نجد أن الطبقة المثقفة من هذا الشعب غائبة عن عملية المشاركة بل نجد معظم هؤلاء يتحدثون معا ويوجهون النقد ويطرحون أفكارا جيدة في كثير من الأحيان, وكل هذا يتم في جلسات اجتماعية في نواد وعلي شاطيء البحر وفي المنازل وفي البرامج الحوارية وعلي صفحات الجرائد وعندما يأتي موعد الانتخابات نجد أن معظمهم بعيدين تماما عن المشاركة بالإدلاء بأصواتهم وهذا شيء خطير للغاية يفقد العملية الانتخابية أهم عناصرها الأساسية التي تقود حركة التنوير في المجتمع. وعلي عكس ذلك نجد أن معظم المشاركين من أهل الريف وعمال المصانع وهذا شيء جيد ومطلوب وإلا أنه من الواجب مشاركة كل الفئات التي تمثل الشعب بمن فيهم طبقة المثقفين, إننا ندعو كل مواطن يحمل بطاقة انتخابية أن يبادر بالمشاركة في الانتخابات القادمة للشوري والشعب, فكل الظروف أصبحت مهيأة للمشاركة. إننا نرفض إن يجلس البعض في صفوف المتفرجين, فكل صوت له قيمته الغالية وعلي الجميع أن يضع هذا الصوت في مكانه الصحيح فالمواطن عليه مسئولية كبيرة فيدرس ويفرق بين الغث والسمين فيختار النائب الأفضل الذي يري فيه القدرة علي العطاء والتمثيل الجيد لأهله ومواطني دائرته, علينا أن نبتعد عن اختيارات المجاملات والعائلات والقبائل والمصالح الشخصية علينا أن ننبذ بيع أصوات والرشاوي الانتخابية. أما الركيزة الثانية لنجاح التجربة الانتخابية تتمثل في الجمعيات الأهلية المختلفة وغالبية هذه الجمعيات يقتصر معظم نشاطها علي الانشطة الترفيهية والاجتماعية الأعمال الخيرية وبعضها له نشاطات علمية, فإن هذه التجمعات لابد أن يكون لها دور آخر وهو المشاركة في العملية الانتخابية من خلال تبني دور فعال في توجيه المواطنين نحو المشاركة وتعظيم الفائدة من تلك المشاركة, فالكثير من تلك التجمعات المدنية لها تأثر قوي لدي الكثير من المواطنين, وتستطيع تلك الجمعيات إعداد برامج تنظيمية من خلال استضافة الشخصيات العامة والحزبية المتميزة التي تشرح للناس كل شيء عن الانتخابات وأهميتها. كذلك يمكن لها أن تقود المجتمع لتسليط الأضواء علي النماذج الجيدة من أفراد المجتمع بل أكثر من ذلك يمكن لتلك الجمعيات أن تتبني الأشخاص المتميزين الذين تتوافر لديهم القدرة علي التقدم والمشاركة في عضوية المجالس النيابية, وتقديم هؤلاء المتميزين للجميع والتعريف بهم ليمثلوا المواطنين في البرلمان, وهكذا نجد أن هذا دور كبير مهم يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني من أجل إنجاح العملية الانتخابية القادمة. وإذا انتقلنا للركيزة الثالثة وهي الأحزاب السياسية نجد أن الوضع يحتاج للتأمل والتحليل بدقة وعناية, فالمتابع للموقف يجد أن هناك عددا غير قليل من الأحزاب السياسية, البعض منها لا يشعر به المواطن إطلاقا والبعض يلعب دورا كبيرا في الشارع المصري, فنجد الحزب الوطني حزبا قويا ومنظما للغاية يتواجد بشكل ممتاز في الساحة يضم أعدادا كبيرة من المصريين الذين يمثلون جميع الفئات وله نشاط بارز علي المستوي الاجتماعي والثقافي والسياسي ويلعب دورا مؤثرا للغاية في حياة الشعب المصري, كما أنه يمتلك برنامجا وطنيا يجعله في مقدمة الأحزاب المصرية, وعلي الجانب الآخر نجد مجموعة الأحزاب التي تجري في مضمار المنافسة مع الوطني مثل حزب الوفد والتجمع والناصري والكرامة والحزب الاشتراكي إلي آخره من أحزاب تحاول أن تجد لها مكانا علي الساحة السياسية فإنه مع الأسف الشديد, فإن تلك الأحزاب مازالت لا تمثل تيارا سياسيا قويا يؤهلها لتكون مؤثرة في الشارع, وهنا لابد من وقفة ونحن مقبلون علي الانتخابات, فالشيء المؤكد أن تلك الأحزاب لابد أن تبدأ من الآن في توضيح برامجها السياسية للمواطنين وعليها أن توجد بقوة وتقترب من رجل الشارع تعمل علي تسويق أفكارها وبرامجها لكي تحقق لنفسها النجاح الذي تصبو إليه, ولا شك أن وجود منافسة سياسية بين الحزب الوطني والأحزاب الأخري تمثل قوة حقيقية للديمقراطية المصرية, كما تفرز قدرات كل الأحزب بما فيها الحزب الوطني نفسه. أما الركيزة الأخيرة وهي الحكومة المصرية فقد أصبح عليها عدة واجبات ونحن مقبلون علي العملية الانتخابية, فالشيء الذي ينتظره الجميع هو التسويق الجيد لكل الانجازات التي قامت بها والإسراع في وضع برنامج زمني محدد وواضح للمشاكل الحالية وتحديد الأولويات لتلك المشاكل, فالشعب ينتظر من حكومته الكثير من أجل تحقيق طموحاته ورفاهيته, وهنا لابد للحكومة من وقفة جادة وتقييم للذات بل ومتابعة مستمرة للأداء ولابد للسادة الوزراء في هذا التوقيت مراعاة ظروف المواطنين الاجتماعية والاقتصادية عند الإدلاء بالتصريحات أو تقديم الوعود. وعلينا البعد عن كل ما يؤثر علي مشاعر المواطنين بالسالب. إن الوجود السريع والمشاركة الوجدانية والتصدي المستمر للمشكلات واجب حتمي وضروري, فالمواطن يحتاج للشعور بالأمان والاطمئنان علي حاضره ومستقبله من خلال إنجازات وبرامج واضحة وفعلية وأكرر وأعود لأقول من خلال تسويق جيد لتلك البرامج. هكذا نجد أنفسنا جميعا مواطنين وأحزابا وقطاعات مختلفة وحكومة مشتركين في المسئولية, فنجاح الانتخابات هذا العام هو نجاح لكل الأطراف. [email protected]