لم تعد شركة الحديد والصلب إحدي شركات القابضة للصناعات المعدنية.. ذلك الصرح الصناعي العريق الذي ساهم علي مدي تاريخ طويل في التشييد والبناء.. فقد تهالك وهوي في قاع سحيق.. قضي عليه الفساد المالي والاداري والسياسات الخاطئة التي اتبعها رؤساء مجالس الادارات الذين توالوا عليها. وقفت ادارة مراقبة حسابات الصناعات المعدنية بالمركزي للمحاسبات علي القوائم المالية لشركة الحديد والصلب حتي2012/6/30 ورصدت في تقرير أعده أيمن مغاوري ان حجم الاستثمار فيها بلغ نحو1048 مليون جنيه وصافي الخسائر وصل إلي402 مليون جنيه خلال العام المالي المنتهي. ولم تستطع الشركة إيجاد ردود قاطعة ودامغة علي ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات كشف التقرير عدم وجود نظام للتكاليف المطبق بالشركة يتضمن معدلات تكلفة معيارية ووضع نسب للتعاقد الطبيعي وغير الطبيعي لامكانية قياس الاداء الفعلي وتحديد الانحرافات وقيمة الفاقد لتحديد تكلفة الانتاج بصورة دقيقة. بينما رفضت الشركة موافاة مراقبي الحسابات بالمستندات والبيانات اللازمة بشأن قروض حسنه للعاملين وسلف الاسكان والشقق التمليك وتقدر قيمتها بأكثر من28 مليون جنيه دون اسباب واضحة رغم مخاطبة رئيس قطاع الحسابات أكثر من مرة دون جدوي ممايعد قيدا علي نطاق المراجعة. سجل مراقبو الحسابات بالحديد والصلب ان صافي قيمة الأصول الثابتة في2012/6/30 نحو مليار و237 مليون جنيه بنسبة39% من التكلفة التاريخية للشركةوتتضمن مبلغ482 مليون جنيه أصولا ثابتة مهلكة بالكامل ومازالت تستخدم في الانتاج بنسبة16% لتكلفة الأصول مما يؤكد حاجة الحديد والصلب لتدعيم وتحديث أصولها الثابتة لتتواءم مع عصر التقدم التكنولوجي وتقليل التكلفة. وتبين في ضوء ما رصده التقرير عدم قيام الشركة باجراء جرد لجميع الأراضي الموجودة في حوزتها لبيان المساحة والحدود والموقع بالتفصيل فضلا عن أن الشهادات السلبية المقدمة لم تحدد حدود مساحات الأراضي المملوكة للشركة بحلوان كما لم تقدم شهادات عن أراضي الشركة بالمحافظات الأخري. ورغم ذلك تم رصد وجود تعديات من شركة الشباب الوطنية للاستثمار علي مساحة11 فدانا أرضا فضاء بناحية التبين واتخاذ اجراءات قانونية لاستردادها ووجود تعديات أخري من المواطنين علي مساحة11 فدانا أراضي زراعية بناحية محاجر بني خالد بمحافظة المنيا وجري التعامل معها قضائيا. ودفع الإهمال بالشركة إلي ازدياد حالات التعدي علي الاراضي التي تملكها ليبلغ عددها34 حالة لمساحة اجمالية1664 م2 امتداد البلوكات السكنية و27 حالة أخري بالتعدي علي مساحة20 ألف متر وتلاحظ بطء المسئولين وعدم الجدية لإعداد خطة استثمارية وتنفيذ إجراءات التخصيص أو تقنين وضع اليد علي مدي ثلاثين عاما لارض المزرعة النموذجية بالواحات البحرية البالغة200 فدان وقرية أخري تبلغ مساحتها600 فدان التي كان مخططا استخدامها لتنمية مجتمع جديد لتوطين العاملين بالشركة من ابناء وادي النيل بالواحات البحرية. كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عدم اتخاذ إجراءات اخلاء40 وحدة سكنية للعاملين المحالين للمعاش, والصادر ضدهم احكام قضائية, وتنفيذ قرار الجمعية العامة العادية بشأن بيعها ضمن88 وحدة سكنية أخري بمدينة سمالوط. بالاضافة إلي وجود طاقة إنتاجية متاحة غير مستقلة تبلغ39 مليون جنيه للفرن الثاني والرابع المتوقفين عن التشغيل اعتبارا من10/4/.2010 كما وجد فروق بين نتائج ما تم جرده بمعرفة مراقبي المركزي للمحاسبات ولجان جرد الشركة, ولم يؤخذ في الاعتبار بقييم المخزون وبلغ ما أمكن حصره من عجز فيه نحو259 مليون جنيه فضلا عن وجود زيادات تبلغ تكلفتها نحو92 مليون جنيه, برغم ضخامة الفروق إلا أنه لم يتم الانتهاء من تحقيق الفروق الجردية حتي اللحظة وتضمنت قيمة العجز في الإنتاج التام وغير التام والخامات المساعدة نحو160 مليون جنيه, ووجود اصناف مستعملة مرتدة للمخازن غير مدرجة ضمن ارصدة المخزون تقدر ب20 مليون جنيه. ورفضت الشركة تقديم بيان بالراكد بمخازن المستلزمات السلعية بالرغم من وجود اصناف راكدة غير متحركة منذ أكثر من10 سنوات تبلغ170 مليون جنيه. شدد التقرير علي أن نظام التكاليف بالشركة لايفي بالغرض منه لكي يساعد الإدارة في قياس تكلفة الاداء والرقابة وتسعير المنتجات, وقياس الاداء الفعلي واتخاذ القرارات بما يكفل إعداد حسابات تكلفة شراء أو إنتاج الوحدات المباعة والمتاجرة والارباح والخسائر علي الوجه الصحيح. وبلغ إنتاج الخردة المنتجة خلال العام, وفقا لقوائم التكاليف المعدة بمعرفة الشركة نحو352 ألف طن بمبلغ308 ملايين جنيه بنسبة79% من كمية الإنتاج التام خلال العام. مما يعني أن الخرده المنتجه خلال العام تبلغ512 ألف طن بنسبة115% من الإنتاج التام. ورصد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات انخفاض كمية المبيعات بنسبة46% عن العام الماضي وارتفاع متوسط سعر بيع الطن بنسبة17% وتضمنت المبيعات كمية تقدر بنحو294119 ألف طن قيمة مبيعات كلية حققت عنها خسائر صناعية بنحو239.5 مليون جنيه كشف التقرير صرف الدعم في غير الاغراض المخصصة له. وأسفرت قائمة الدخل عن صافي الخسائر بنحو402 مليون جنيها. لم يكن لدي المهندس محمد سعد رئيس مجلس إدارة شركة الحديد والصلب ما يستطيع به الاجابة علي التساؤلات القاسية التي حملها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بين طيات صفحاته ورفض تبرأة ساحته من وطأة مخالفات مالية تكشف عن فساد ضارب بجذوره بحد سنوات ولم تتحرك صوبه الاجهزة للتعامل معه واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لإيقاف نزيف اصدار ونهب المال العام علي نحو يؤكد أن شيئا لم يتغير. واتخذ بدوره ذات الموقف زكي بسيوني رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية والتزم الصمت ولم يشأ التعقيب علي ما جاء في التقرير علي اعتبار أن شركة الحديد والصلب ضمن الشركات التابعة لولايته وكأن حجم الفساد الذي رصده الجهاز المركزي للمحاسبات لا يعني له شيئا وان ما جاء فيه أمر طبيعي والصمت تجاهه فريضة.. ليترك الحديد والصلب العريقة فريسة للانهيار والضياع وسط ركام الفساد.