الإسلام ينشد التطور في كل مجالات الحياة, شريطة أن يكون ذلك في ضوء المنهج الإلهي الشامل الكامل المتوازن, فالتطور سنة إلهية وقانون للوجود وكيف ينتظر من المسلم أن يكون ساكنا جامدا. في الوقت الذي تتغير فيه الظروف والأحوال, ولابد من الإشارة إلي أن نفرق بين ميدانيين فقه الدنيا وفقه الآخرة, وكذلك نفرق بين التطور كما ورد من المفهوم الغربي وارتبط بنظرية النشوء والارتقاء عند العالم النمساوي دارون. التطور في ميدان الدين أو فقه الآخرة يشمل الفرعيات والظنيات أما الكليات والثوابت فلا مجال للاجتهاد أو التطور فيها أما في ميدان الفرعيات فالإسلام يواكب مستجدات العصر ويكيف القضايا الاجتهادية المعاصرة في ضوء فقه الواقع وخصوصية الزمان والمكان انطلق إلي أنه لا مانع أبدا من إعمال العقل المسلم في باب الظنيات والفرعيات, بل هذا هو الهدف الحق من المسلم المعاصر, أما الأصول والثوابت والمحكم فهذه هي المناطق المحرمة التي لا مجال للتطور أو الاجتهاد فيها, ولابد لمن يعمل عقله في هذا الميدان أن يكون متسلحا بأدوات العلم المتمكن من معرفة تامة بالقرآن والسنة وعالما بأصول الفقه ومقاصد الشريعة وفقه الواقع وغيره من أدوات تطلبها في مظانها أما أن يعتدي بعض الجهلاء علي ثوابت الدين باسم التطور فالإسلام من هذا الفهم الخاطئ براء. أما فقه الدنيا فنحن مطالبون بالتطور في كل مجالات العلم, بل يرقي إلي مرتبة الواجب عندما تقصر الأمة عن ركب التطور الحضاري فلابد من مواكبة النظريات العلمية في شتي أنحاء العالم ففي ميدان العلم الخالص( التجريبي) لابد أن نستوعبه تماما, أما العلوم الإنسانية فتأخذ ما يتفق مع تصورنا الحضاري الإسلامي وتمييز ما لا يتفق مع ثقافتنا وموروثنا الحضاري أقول هذا لأن البعض يزعم أن الإسلام ضد التطور والتقدم والتغيير؟! وتجدر الإشارة إلي أن البعض نظرة لتأثره بالقراءات الغربية يربط بين التطور ومفهومه في النسق الغربي, في حين أن نظرية التطور هناك قامت علي فروض وتخمينات ولم تقم علي حقائق علمية, فدارون يفترض التطور من مملكة حيوانية إلي مملكة إنسانية, بعبارة أخري يفترض دارون أن الإنسان تطور في الأصل عن خلقته كقرد لقد اكتشف علم الأجنة أنه لا صحة لما يستند إليه دعاة مذهب التطور من أن التشابه في الأجنة دليل علي تحول الأنواع في عالم الحيوان أو عالم النبات. فقد تقدمت وسائل الكشف العلمي من مكبرات وآلات التصوير التي نفت هذا الشبه وأوضحت أن هناك اختلافا في أجنة الحيوان بعضها عن بعض في تفاصيلها التكوينية والتفصيلية الدقيقة. كما أن القرآن ينبه إلي حقيقة خلق الإنسان المعجز ويرفض نظرية التطور الغربية فلينظر الإنسان مم خلق, خلق من ماء دافق* يخرج من بين الصلب والترائب, إنه علي رجعه لقادر هذه الآيات وآيات أخري نجد القرآن يبين أن مكانة الإنسان في هذا الوجود كمخلوق مكرم, وليس كما يزعم دارون. إن الإسلام ينشد التطور بالمفهوم الإسلامي وبضوابطه وليس بالمعني الغربي.