الفارق الزمني كان يومين فقط, لكن الهوة كانت شاسعة بين المتابعة العالمية الدقيقة لعملية انتخاب الرئيس الأمريكي من لحظة الترشح حتي اتمام فرز الأصوات, واختيار قيادة جديدة للحزب الشيوعي الصيني خلف أبواب مغلقة. وفي إطار يفتقد إلي الشفافية والعلنية ومشاركة المواطن الصيني نفسه. ومع هذا فإن عملية تسليم مقاليد السلطة من جيل إلي جيل كل عشر سنوات لا تقل أهمية, لأن علاج المشكلات المتراكمة والحاجة الملحة إلي قيادة قادرة علي التغيير سينعكس سلبا أو إيجابا علي العالم كله. فما حققه هو جينتاو وفريقه من إنجازات اقتصادية لا تخفي حقيقة ما ذكره باحثون صينيون في مؤتمرعقد أخيرا في شنغهاي من أن المجتمع يعاني من تناقضات حادة بسبب التهميش الاجتماعي لطبقات فقيرة وعدم العدالة في توزيع الكعكة بين من ينتمون إلي الحزب ومن هم خارجه, وطبقة متوسطة محبطة بسبب تباطؤ الاصلاح السياسي وكبت الحريات, وتفشي الفساد في أركان السلطة, ونخبة حزبية غير مسيطرة بسبب الصراع الداخلي بين أجنحتها علي ضرورات القطيعة مع الماضي وحتمية عدم المساس بقبضتها علي السلطة. المجتمع الصيني نفسه منقسم بين رغبته في التغيير السريع ومخاوفه من أهوال الثورة الثقافية وهو وتر لمسه هو جينتاو في خطاب الوداع حين حذر من هز القارب معترفا في الوقت ذاته بأن نمط النمو القائم علي القوة التصديرية فقط لم يعد قابلا للاستمرار. المشكلة هي أن التحول إلي تحقيق معدلات نمو مرضية استنادا إلي تعظيم الطلب الاستهلاكي لن يتحقق إلا إذا تم هز القارب بقوة بفرض هيبة القانون, ومحاسبة كل المفسدين في النخبة, وتحرير الصحافة, والخوض في عملية الاختيار الديمقراطي الحر للقيادات المحلية حتي تصل إلي المناصب الحزبية العليا. الرئيس المختار شي جين بينج ليس لديه طرف الانتظار عشر سنوات أخري, لأن الصين الضعيفة اجتماعيا وسياسيا والمندفعة قوميا أكثر خطرا علي العالم من الصين القوية اقتصاديا. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني