بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية وأخيرة تنتهي عام 2016 بتفوقه الكبير- غير المتوقع- علي منافسه الجمهوري ميت رومني, وبعد أن أصبح ثاني رئيس ديمقراطي يعاد انتخابه في الولاياتالمتحدة منذ بيل كلينتون في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية, وعد باراك أوباما شعبه في خطاب النصر بأن الأفضل قادم, وأكد أنه سيعود أكثر إصرارا إلي البيت الأبيض لمواجهة التحديات التي تمر بها بلاده وعلي رأسها إصلاح الاقتصاد, وتعهد بالعمل مع خصومه الجمهوريين من أجل الصالح العام, وقال إن من بين أولوياته في ولايته الثانية تقليل الاعتماد علي استيراد البترول من الخارج. وفي الوقت الذي تجمع فيه المئات من الشباب خارج البيت الأبيض للاحتفال بفوز الرئيس بولاية ثانية, كانت أول كلمات وجهها أوباما لشعبه عبارة عن رسالة قصيرة علي موقع تويتر قال فيها: نحن جميعا في هذا معا.. بالطريقة التي خضنا بها المنافسة.. وها نحن.. أشكركم. وبعد ذلك بساعات, وقف أوباما في شيكاجو- معقله السياسي- أمام الآلاف من أنصاره المحتفلين الذين أخذوا يهللون مع كل عبارة ينطقها في خطاب النصر التقليدي, والذي قال فيه إن هناك حاجة لحلول وسط حتي تمضي البلاد قدما. وقال: لقد نهضنا وناضلنا من أجل العودة( إلي البيت الأبيض).. وهذا من أجل الولاياتالمتحدة, والأفضل قادم. وتعهد الرئيس الأمريكي بالعمل مع زعماء الحزبين الديمقراطي والجمهوري لخفض عجز الميزانية الاتحادية وإصلاح قانون الضرائب وقانون الهجرة وخفض اعتماد البلاد علي البترول الأجنبي. كما تعهد بأن يستمع إلي زعماء الحزبين خلال الأسابيع القليلة القادمة, وقال إنه سيجري محادثات مع رومني بخصوص أوجه التعاون حتي تمضي هذه البلاد قدما, وسيبحث معه التحديات القادمة. وأعلن أوباما أنه سيعود إلي البيت الأبيض وهو أكثر تصميما علي التصدي للتحديات التي تواجه البلاد. وقال: سواء كنت أستحق أصواتكم أم لا, فأنا استمعت إليكم وتعلمت منكم وبفضلكم أصبحت رئيسا أفضل. وشكر أوباما زوجته ميشيل أوباما وأعرب عن سعادته بابنتيه, كما شكر نائبه جو بايدن, ووصفه بأفضل نائب في التاريخ, كما شكر أوباما فريق حملته الانتخابية. أما علي الجانب الآخر, فقد اعترف ميت رومني-65 عاما- بهزيمته, وذلك في خطاب اتسم بالهدوء ألقاه أمام أنصاره المحبطين في بوسطن. واتصل رومني بأوباما هاتفيا للاعتراف بالهزيمة بعد جدل قصير حول فوز الرئيس الديمقراطي بولاية أوهايو المتأرجحة, وقال لأنصاره: هذا وقت التحديات الكبري بالنسبة لنا.. وأتمني أن ينجح الرئيس في قيادة أمتنا. ولكن رومني حذر أيضا من الاستقطاب الحزبي في البلاد, وحث زعماء الحزبين الديمقراطي والجمهوري علي وضع مصلحة الناس قبل السياسة. وكان القلق اعتري كثيرا من الأمريكيين بسبب تأخير رومني إعلان اعترافه بالهزيمة لبعض الوقت بعد أن شكك بعض الجمهوريين في فوز أوباما في أوهايو, وانتظر أوباما أكثر من90 دقيقة حتي يعلن رومني عن إقراره بالهزيمة, ولم يحدث ذلك إلا بعد التأكد من فوز المرشح الديمقراطي في أوهايو بفارق ضئيل ولكنه واضح وتوالي أنباء فوزه في ولايات أخري. وكان أوباما قد حقق فوزا كبيرا غير متوقع علي حساب منافسه الجمهوري ميت رومني حاكم ولاية ماساتشوسيتس السابق في الانتخابات الرئاسية ال57 التي جرت يوم الثلاثاء العظيم وتابعها عبر وسائل الإعلام وقنوات الاتصال الحديثة المليارات في شتي أنحاء الأرض. وفي جميع الولايات التي تم إعلان نتائجها- فيما عدا فلوريدا- حصل أوباما علي303 من أصوات المجمع الانتخابي البالغ إجماليها538 صوتا, بينما حصل رومني علي206 أصوات. وفي بداية الأمر, وصل أوباما مبكرا إلي رقم270 صوتا اللازمة من أصوات المجمع الانتخابي قبل إعلان نتائج ثلاث ولايات هي أوهايو وفيرجينيا وفلوريدا, ولكنه بعد ذلك أعلن فوزه أيضا في ولايتين منهما: أوهايو وفيرجينيا, ويسجل تقدما في فلوريدا. وعلي الرغم من أن استطلاعات الرأي قبل الانتخابات كانت قد أظهرت تعادل كفة المرشحين, غير أن النتائج أظهرت تفوقا كبيرا وسهلا لأوباما لم يتوقعه أكثر الديمقراطيين تفاؤلا, ساعده علي ذلك فوزه بالولايات المتأرجحة التقليدية, والولايات الأكثر تأثيرا في المجمع الانتخابي, وعلي رأسها: كاليفورنيا(55 صوتا) ونيويورك(29 صوتا) وإلينوي(20 صوتا) وبنسلفينيا(20 صوتا) وأوهايو(18 صوتا) وميشيجان(16 صوتا) ونيوجيرسي(14 صوتا) وفيرجينيا(13 صوتا) وولاية واشنطن(12 صوتا). وعلي الجانب الآخر, كانت أبرز الولايات التي فاز فيها رومني من حيث ثقلها في المجمع الانتخابي: تكساس(38 صوتا) وجورجيا(16 صوتا) ونورث كارولينا(15 صوتا) وميسوري(10 أصوات). ولوحظ في النتائج فوز أوباما-51 عاما- في معظم الولايات المتأرجحة, وفي ولاية إلينوي- مسقط رأسه- وفي ولاية ماساتشوسيتس- مسقط رأس رومني نفسه- في حين اكتفي رومني بالفوز المتوقع في ولاية تكساس المعقل التقليدي للحزب الجمهوري, وكانت الولاية المتأرجحة الوحيدة التي فاز بها رومني هي نورث كارولينا. أما ولاية فلوريدا التي لم يتم الإعلان عن نتائجها بعد, فقد تحولت إلي تحصيل حاصل, رغم أن حصتها29 صوتا في المجمع الانتخابي, ولكن ربما يكون أوباما في حاجة إلي الفوز في فلوريدا تحديدا لكونها إحدي أهم الولايات المتأرجحة, ولتحقيق فوز معنوي بها يجعل انتصاره علي رومني شبه ساحق. وحتي مساء أمس- الأربعاء- بتوقيت القاهرة, كان أوباما متفوقا علي رومني بنحو45 ألف صوت, أو0.53% من إجمالي أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في فلوريدا وعددهم8.27 مليون ناخب, وذلك بعد فرز نحو99% من الأصوات, حيث كانت عمليات الاقتراع متأخرة بعض الشيء في ميامي تحديدا التي تمثل نحو10% من ناخبي الولاية وعددهم12 مليونا. وفي تحليلاتها, وصفت وسائل الإعلام الأمريكية فوز أوباما بأنه يشير إلي أن الناخبين كافأوا أوباما علي أدائه المتميز خلال كارثة الإعصار ساندي, وعلي أدائه المعقول في الملف الاقتصادي أيضا, وخاصة ما يتعلق بمشكلة البطالة( نسبتها حاليا7.9%), ولكن هؤلاء الناخبين أيضا سيضطرون إلي القبول بفكرة وجود حكومة مقسمة في واشنطن, عبر الاحتفاظ برئيس ديمقراطي في البيت الأبيض وبقاء الكونجرس كما هو, حيث يسيطر الديمقراطيون علي مجلس الشيوخ ويهيمن الجمهوريون علي مجلس النواب.