لو عاشت أم كلثوم وطه حسين أيامنا هذه, هل كانا سيحققان نفس النجاح, ووصلا الي ما أصبحوا وأمسوا عليه,( سيدة الغناء العربي) و(عميد الأدب العربي)؟, أشك كثيرا, فبين عشرات القوانين التي يضرب بها عرض الحائط, بلغ بنا الحال, ان نصيغ لوائح, ثم نعبدها, أو تستعبدنا, مع غياب المرونة في التفكير, وتغييب متعمد للنواحي الإنسانية والإطاحة بالمواهب الحقيقية, وسط تلك التداعيات المتلاحقة لانهيار منظومة التعليم. رفضت كلية التربية جامعة سوهاج طلبا للشاب ذي اللكنة الصعيدية المحببة محمد أبوطالب, لتكملة دراساته العليا, وحجة عميد الكلية, هي احترام اللوائح, التي تمنع كفيفا من العمل كتربوي, وأضاف, في مكالمة هاتفية لبرنامج' مانشيت' لجابر القرموطي, كيف يسيطر علي فصل فيه60 تلميذا, وكيف سيتعامل معهم وهو لا يراهم. نحمد الله أن مثل تلك اللوائح ومثل هذا العميد, لم تكن في عصر طه حسين, وهو لم يكن محاضرا ومعلما فقط, بل كان وزيرا للمعارف, الإعاقة الحقيقية هي تلك اللوائح الكفيفة والقائمون عليها, عاهة من عشرات العاهات التي تأكل في جسد التعليم, وتنال من عزيمة أي متطلع وحالم بحياة علمية أفضل, أتذكر أحدي الفتيات الكفيفات بالنور والأمل, سعاد محمد حسين, كانت تعمل بالسجاد اليدوي, دفعها طموحها, لتبدأ من محو الأمية حتي نالت الدكتوراه, وعينت أستاذا بجامعة السويس, واختيرت لتمثل مصر في مؤتمرات دولية عن المرأة, وأصبحت مثلا يحتذي به. ليس كل' مفتح' مبصرا, وليس كل فاقد بصر كفيفا, عندما سئل الفنان مارسيل خليفة لماذا يغمض عينيه أحيانا وهو يتحدث عن عالمه قال' لكي أري أكثر'. غمضة العين تجعلك تذهب بخيالك بعيدا, وفتحة العين, تحصر الرؤية علي ما يحيط بك فقط, أتذكر كلمة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر, أن أقل واجب علينا نحو إخوتنا الذين فقدوا نعمة البصر, هو أن نجعلهم يرون الحياة بعيوننا. المزيد من أعمدة سمير شحاته