جاء خطاب الرئيس حسني مبارك في احتفال الجيش الثاني الميداني بالذكري الثامنة والعشرين لتحرير سيناء في أول نشاط له بعد تعافيه من الجراحة الناجحة التي اجراها في ألمانيا يحمل رسائل عديدة للشعب وفي مقدمتها رسالة شكر وامتنان لشعبنا الوفي الاصيل الذي كانت قلوبه مع الرئيس خلال رحلة العلاج وبعد عودته لأرض الوطن سالما معافا. جاء خطابه تحية للقوات المسلحة الباسلة درع الوطن وسيفه, القادرة علي حماية السلام الذي تحرص عليه مصر الذي دفعت من أرواح ابنائها ودمائهم الكثير لتحقيق نصر أكتوبر وطي هزيمة عام1967 واستعادة سيناء لسيادة مصر وابنائها بعد خمسة عشر عاما من الاحتلال, واستعادة كرامة الوطن وعزته وكبريائه. وقال الرئيس: عشت مع ابناء قواتنا المسلحة مرارة الهزيمة وفرحة الانتصار وكنت شاهدا عبر سنوات الحرب والسلام علي عظمة هذا الشعب وقوة عزيمته وصلابة ابنائه, وكنت مدركا ومنذ تحملي المسئولية تطلع شعبنا لسلام تحميه القوة في وطن مستقر آمن لا تهدده مخاطر العدوان أو الإرهاب, وطن حديث ومتطور يصنع الحاضر والمستقبل الافضل لكل ابنائه يصون وحدتهم الوطنية ويتيح لهم فرص العمل الشريف والحياة الكريمة, اننا وبعد ثمانية وعشرين عاما من تحرير سيناء لا تزال في رباط, نحرص علي السلام ونلتزم به طالما بدالتنا اسرائيل حرصا بحرص والتزاما بالتزام, نحميه بقوات مسلحة قادرة, هي درع الوطن وسيفه, ونبذل اقصي الجهد من اجل سلام شامل يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية, وينهي احتلال الاراضي العربية في سوريا ولبنان, وقال الرئيس: لانزال في مواجهة شرسة مع قوي الإرهاب والتطرف في منطقة صعبة وعالم مضطرب وسط أمثلة عديدة من حولنا للانقسام الطائفي وغياب الأمن وإراقة الدماء وزعزعة الاستقرار, كما لا نزال علي طريق تحديث وتطوير مجتمعنا بعد ان أعدنا بناء بنية أساسية متهالكة واقتصاد استنزفته الحروب, نواصل توسيع بنيتنا الاساسية الجاذبة لاستثمار ونعزز القوة الذاتية لاقتصادنا وموارده, وندعم قدرته علي تحقيق معدلات مرتفعة للنمو والتنمية. نعم.. لقد قطعنا شوطا مهما لتحديث وتطوير المجتمع المصري بإصلاح سياسي يرسخ دعائم الديمقراطية, واصلاح اقتصادي يجتذب الاستثمار ويتيح فرص العمل, واصلاح اجتماعي يقف بجانب الفقراء والبسطاء والفئات محدودة الدخل. وقال الرئيس موجها كلامه للشعب المصري بكل فئاته وطوائفه فلاحيه وعماله ومثقفيه واحزابه ونوابه ومسلميه واقباطه: ان احتفالنا بذكري تحرير سيناء يفرض علينا التمعن فيما حققناه حتي الآن أين كنا وأين نقف اليوم وكيف تمضي حركتنا نحو المستقبل؟. وقال الرئيس لقد اطلقت عام2005 عملية شاملة للإصلاح, بادرت الي ذلك متحملا مسئوليتي كرئيس للجمهورية, من اجل مجتمع متطور لدولة مدنية حديثة, علي قيم المواطنة وتنأي بالدين عن السياسة, تمتلك المقومات الذاتية للمضي الي الأمام, تعزز تفاعل ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية, تعي الأبعاد الاجتماعية للاصلاح والتحديث والتنمية. وتنحاز ليس لفئة أو نخبة وإنما للفلاحين والعمال والبسطاء من ابناء الشعب. وقال الرئيس مبارك بكل وضوح ان ما تشهده مصر اليوم من تفاعل نشيط لقوي المجتمع هو نتاج ما بادرت اليه منذ خمسة اعوام مضت. وهو دليل حيوية المصريين, وشاهد علي ما يتمتعون به من مساحات غير مسبوقة لحرية الرأي والتعبير والصحافة. واقول بكل الصدق والمصارحة: انني أرحب بهذا التفاعل وهذا الحراك المجتمعي طالما التزم بأحكام القانون والدستور وتوخي سلامة القصد ومصالح الوطن, ولا ينبغي ابدا ان يتحول هذا التفاعل والحراك النشيط الي مواجهة أو تناحر أو صراع, وعلينا جميعا ان نحاذر من ان يتحول التنافس المطلوب في خدمة الوطن وابنائه لمنزلقات تضع مستقبله ومستقبلهم في مهب الريح. واكد الرئيس مبارك بكل قوة ان مستقبل الاوطان لاتصنعه الشعارات والمهاترات والمزايدة, ومقدرات الأمم والشعوب لا تحقق بخطوات غير محسوبة العواقب, ونحن في مصر نمضي في الاصلاح السياسي واعين لظروف مجتمعنا ومحذرين من انتكاسات تعود بنا الي الوراء. وقال الرئيس: ونحن مقبلون علي الانتخابات التشريعية العام الحالي والرئاسية العام المقبل. اعاود تأكيد حرصي علي نزاهة هذه الانتخابات وأرحب بكل جهد وطني صادق, يطرح الرؤي والحلول لقضايا ومشكلات مجتمعنا ولا يقامر بأمنه واستقراره. ومستقبله, أكد الرئيس اننا ماضون في الاصلاح الاقتصادي متطلعون لانطلاقة جديدة لاقتصادنا مع تراجع ازمة الركود العالمي. نسعي للمزيد من الاستثمارات والصادرات والمزيد من فرص العمل. نعاود تحقيق ما حققناه من معدلات النمو المرتفعة قبل الازمة, نستعيد زمام المبادرة في محاصرة الفقر والبطالة ونواصل تطوير ما يقدم للمواطن من خدمات, نمضي في ذلك متمسكين بتوسيع قاعدة العدل الاجتماعي مدركين للاحتياجات الحقيقية لأغلبية ابناء الشعب من الفقراء والبسطاء وتطلعهم المشروع للمستقبل الافضل والعيش الكريم ولمن يقف الي جانبهم في مواجهة غلاء الاسعار وأعباء الحياة.