( تحت شعاراليوم الإفريقي من أجل الغذاء والأمن الغذائي, نظمت مفوضية الاتحاد الافريقي بأديس أبابا الأربعاء الماضي احتفالا بيوم الغذاء والأمن الغذائي في إفريقيا, وذلك في الوقت الذي ترزخ فيه شعوب القارة تحت وطأة أزمات غذائية تصل في بعض دولها إلي حد المجاعة, فيما تمتلك قارتهم من الموارد الغذائية والاقتصادية ما يجعلها سلة غذاء العالم. فالقارة السمراء تتميز بإمكانيات ضخمة بالنسبة للتربة والموارد المائية تجعلها قادرة علي إقامة مشاريع زراعية واقتصادية تلبي احتياجات ليس فقط سكانها, بل الكرةالأرضية, كلها من الغذاء. فمن حيث التربة تتمتع القارة بمستويات ونوعيات مختلفة من التربة الغنية, فالأراضي الزراعية ذات الإمكانيات الإنتاجية المرتفعة تبلغ نسبتها8% من مساحة القارة, بمساحات تقدرها الدراسات بنحو2.3 مليون كم2,منها700 ألف كم2أراضي ذات إمكانيات ممتازة تتركز في هضبة إثيوبية ودلتا نهر النيل, و1.6 مليون كم2ذات إمكانيات جيدة, تتركز في وسط وجنوب شرق القارة وفي بعض مناطق الغرب. وتصلح هذه الأراضي لإقامة زراعات استوائية معيشية أو مروية مع تربية الماشية, وكذلك زراعات نقدية مثل نخيل الزيت والقطن والكاكاو والفول السوداني والقهوة والتبغ والحبوب والأشجارالمثمرة. وتشكل الأراضي ذات الإمكانيات الإنتاجية الجيدة نسبة35% من مساحة القارة وتقدر مساحتها بنحو30 مليون كم2, وتتوزع بين الشريط الساحلي لشمال القارة ووسطها وجنوبها الشرقي. وتبلغ نسبة الأراضي ذات الإمكانيات الإنتاجية المتوسطة17%, فيما تبلغ مساحة الأراضي ذات الإمكانيات الإنتاجية الضعيفة في مجال الغذاء27 مليون كم2, تصلح كمراع للإبل والماعز. كما أظهرت خريطة جيولوجية حديثة شاملة أن أفريقيا تعوم فوق احتياطيات ضخمة من المياه الجوفية, تماثل ما يعادل100 مرة من كمية موارد المياه العذبة الموجودة علي السطح, ومصدرها عشرات الانهار والبحيرات. وبالرغم من أن عقود الاستعمار والأنظمة السياسية الفاسدة والحروب والصراعات العرقية والطائفية, جعلت من افريقيا قارة مغمورة ومنسية, ويعصف بكثير من شعوبها الفقر والجوع والتخلف, إلا أن الدراسات والتقارير الدولية تؤكد أنها قادرة علي النهوض والوقوف علي أقدامها, والكشف عن مكامن أسرار قدراتها البشرية وكنوزها المادية, واقتحام ميادين التقدم الاقتصادي والصناعي. فإفريقيا تمتلك علي ظهرها وفي باطنها موارد معدنية وطبيعية هائلة, إذ أن لديها أكثرمن75 مليار برميل من احتياطي النفط, وبما نسبته9% من الاحتياطيات العالمية لهذا المورد الحيوي, وتنتج حوالي22 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا, وبنسبة7.5% من إجمالي الإنتاج العالمي من هذا المورد الاقتصادي, ومن المتوقع أن تتضاعف هذه النسبة في السنوات القادمة, ويبلغ احتياطي الغاز الطبيعي في إفريقيا نحو477 تريليون قدم مكعب, وبنسبة6.9% من الاحتياطي العالمي, وتمتلك من الطاقة الشمسية, أكبر مخزون حيث توجد بها أكبر وأوسع صحاري العالم, التي تعد المصدر الأساسي لتوليد الطاقة الشمسية, وتمتلك القارة95% من احتياطي الماس في العالم, وتنتج50% من معدل الإنتاج العالمي من هذا المعدن الثمين, كما أنها تنتج70% من معدل الإنتاج العالمي من الذهب, و33% من النحاس, و76% من الكوبالت, و90%من احتياطي البلاتين, وتنتج حوالي75% من هذا المعدن, كما أنها تنتج9% من الحديد, ويتراوح احتياطيها من الحديد والمنجنيز والفوسفات واليورانيوم من15-30% من إجمالي الاحتياطي العالمي من هذه المعادن والموارد الطبيعية. وتتوقع الدراسات والأبحاث ارتفاع هذه النسب والمعدلات بالنظر إلي أن أجزاء كثيرة من القارة لم تشملها المسوحات الجيولوجية. فكل الظروف والمعطيات الراهنة والمستقبلية تجعل من إفريقيا محط أنظار واهتمام المستثمرين والباحثين عن مصادر ومناجم الموارد والمعادن في هذه القارة, والاستفادة منها في تمويل وإدارة الحركة الصناعية والإقتصادية المتنامية والمتطورة في العالم. ويشير تقرير للبنك الدولي بعنوان أفريقيا يمكنها إطعام نفسها:إزالة الحواجز أمام التجارة الإقليمية للمواد الغذائية الأساسية, إلي أن افريقيا يمكنها إطعام سكانها وتفادي الازمات الغذائية في المستقبل, إذا قامت بلدانها بإزالة القيود المفروضة عبر الحدود الوطنية علي تجارة المواد الغذائية. وأوضح التقرير أن القارة سيمكنها أيضا تحقيق إيرادات إضافية قدرها20 مليار دولار سنويا إذا تمكن زعماؤها من الاتفاق علي إزالة الحواجز التجارية التي تحد من تحقيق ديناميكية أكبر علي المستوي الإقليمي. وبذلك يتضح أنه إذا تحقق لافريقيا استقرار سياسي, ودعم دولي, فإنه بامكانها استثمارإمكانياتها وثرواتها الهائلة هذه لتصبح في وقت قريب المنقذللبشرية من شبح الجوع المرعب.