تفهنا الاشراف وكردود أبوعامر قريتان تابعتان لمحافظة الدقهلية علي الورق فقط اما الواقع فانهما استغنتا عن الحكومة واصبحتا تنفقان علي الخدمات والبنية التحتية ومؤسسات التعليم والصحة من جيوب ابنائها. وقررتا الاعتماد علي رجالهما في حل كل شئ حتي في الخلافات والصراعات وذلك في وقت غابت فيه الدولة التي تعاني ظروفا صعبة وهو ما يجعلهما قريبة من المدينة الفاضلة. القريتان ليستا وحدهما بالمحافظة فهناك108 قري أخري منتجية متخصصة في تصنيع الملابس الجاهزة والتريكو والجوارب والسجاد اليدوي والكليم والزجاج ومنتجات الألبان وزراعة الزهور والورود فضلا عن تصديرها للخارج. غير ان تجربة قرية تفهنا الاشراف مركز ميت غمر تعد الاشهر والاقوي في تكامل المشروعات الاقتصادية والاجتماعية فعدد سكانها لايتعدي7 آلاف نسمة ويبلغ زمامها الزراعي500 فدان.. بدأت في تحقيق حلمها منذ30 عاما عندما اتفق9 من ابنائها علي رأسهم الصلاحان صلاح عطية وصلاح خضر علي انشاء مشروع انتاجي يتكسبون منه واستقر رأيهم علي إنشاء مزرعة دواجن وكان من المقرر ان يشترك10 افراد لتجميع مبلغ2000 جنيه للبدء في تنفيذ المشروع لكن حالة الفقر بالقرية وقتها حالت دون امكانية ايجاد الشريك العاشر واقترح احدهم البدء في المشروع تخصيص نسبة10% من المشروع لله ومع مرور الاعوام توسع المشروع حتي اصبح يضم10 مزارع مما جعل القائمين عليه يفكرون في إنشاء3 مصانع لاعلاف الدواجن والماشية ومركزات الاعلاف ثم تلا ذلك شراء ارض بمنطقة الصالحية لزراعتها ومع زيادة النسبة المخصصة للاعمال الخيرية. واستكملت القرية مشروعاتها التعليمية بانشاء كليات للتجارة والتربية والدراسات الاسلامية والعربية, واصدر رئيس جامعة الازهر قرارا بان تكون هذه الكليات فرعا لجامعة الازهر ولم تتوقف مسيرة الخدمات بالقرية فأقام الاهالي مجمع خدمات يضم مكتبة وسنترالا ومشغلا لتعليم الفتيات اعمال التريكو والحياكة الي جانب انشاء مستشفي مركزي وآخر للتأمين الصحي ومشروع زراعة الف نخلة بلح زغلول تم توزيعها علي مزارعي القرية الذين تعهدوها برعايتها وتخصيص عائدها لأعمال الخير, كما انشأوا المركز الاسلامي ليتولي مسئولية تنفيذ ومتابعة ما يتم الاتفاق عليه من مشروعات ويضم عدة لجان عمل في مجالات الزراعة والتعليم والصحة والشباب والزكاة والمصالحات والاخيرة لها مقر ودفاتر للسعي للصلح في الخلافات المتنوعة داخل القرية وكانت نتيجة اعمالها انه لم تصل مشكلة واحدة من القرية الي مركز شرطة ميت غمر طوال الاعوام العشرين الماضية ولم يكتف الاهالي هناك بذلك فقط ولكن قاموا بانشاء محطة سكة حديد لها. كما قام المسئولون عن القرية بحصر الارامل والمطلقات ودبروا وسيلة كسب لهن عن طريق اعطائهن شاه وكمية من الاعلاف وتدريب فتيات وسيدات علي اعمال الحياكة واعطائهن ماكينات وتكليفهن بتفصيل ملابس الحضانة التي يتم توزيعها بالمجان كما تم انشاء مصنع بالقرية لتصنيع الزي الازهري وتوزيعه ايضا بالمجان علي التلاميذ كما تم حصر اصحاب الحرف وتم شراء ادوات الحرفة لكل منهم, تم الاتفاق مع تجار جملة لمدهم بالبضائع لعمل منافذ بيع لهم.. و وعلي درب تفهنا سارت كردود ابو عامر وهي احدي مكونات قرية السماحية الكبري التابعة للوحدة المحلية للشوامي مركز بلقاس. اللواء عمر عبدالعزيز وكيل ادارة المخابرات المصرية الاسبق وابن القرية اشار الي ان معني الكردود لغويا هو المكان المرتفع الربوة واشار الي ان الكردود تضم نحو10 عائلات وتعتبر اسرة واحدة متكاملة مضيفا أن القرية لم تعرف الجريمة بعد الثورة اللهم الا من خلافات بسيطة يتم حلها عن طريق مجموعة من حكماء القرية بواقع واحد من كل عائلة وان المتخاصمين دائما ما يرتضون حكمهم وقال ان الكردود كانت منذ وقت قريب قرية معدمة يعمل معظم اهلها في الاراضي التي يستأجرونها من الملاك ثم اشتري اهلها نصف هذه المساحة, إلي أن بدا عصر النهضة منذ سنوات قليلة عندما أنشأ احد ابنائها المقيمين بالقاهرة دار حضانة ومعهد دينيا ومدرسة ابتدائية اعدادية تعليم اساسيا ومسجد الرحمن الكبير علي نفقته الخاصة ثم كانت عدوي المشاركة المجتمعية حيث اقام الاهالي بجهودهم الذاتية دارا للمناسبات علي مساحة550 مترا بتكلفة300 الف جنيه بعد ان تبرع احد ابنائها المهندس محمد فايق بالارض وكذلك جمعية لتنمية المجتمع المحلي التي تقوم بتصنيع الزي المدرسي والاحذية للتلاميذ وتوزيعها بالمجان كما تمنح قروضا تتراوح بين3 و5 آلاف جنيه لعمل مشروعات لابناء القرية كما تساعد المقبلين علي الزواج بتجهيزهم علاوة علي توزيع اللحوم في المواسم والاعياد بالمجان كما أسهم الاهالي في توفير ارض لاقامة مركز الشباب علي مساحة6 قراريط بجانب انشاء اول معهد عال يمنح درجة البكالوريوس في الادارة علي مساحة7 آلاف متر مربع بالقرية وبتكلفة8 ملايين جنيه بالجهود الذاتية ويعتبر المعهد العالي الوحيد لخدمة ابناء مراكز بلقاس وشربين بالدقهلية وبيلا بكفر الشيخ. ويقول عبدالله مطرفلاح ان عائلته قامت بتجربة فريدة من نوعها عندما أنشأت مخبزا خيريا لتوزيع الخبز بالمجان علي نحو500 اسرة فقيرة حيث نقوم بخبز10 اجولة دقيق يتم تسلمها من ادارة تموين بلقاس وبعد خبزها يتم توزيعها في اكياس عن طريق موظفي جمعية تنمية المجتمع المجاورة للمخبز حيث يتم توزيع الخبز بالمجان علي العائلات الفقيرة بنظام الكارتة بواقع9 ارغفة للاسرة المكونة من3 افراد و18 للمكونة من5 افراد و20 رغيفا للمكونة من6 افراد. واضاف مطر ان عائلته خصصت18 قيراطا لاقامة مقابر لاهالي القرية بعد ان قامت بتقسيم الارض الي قطع بالمجان للاسر التي ترغب ذلك. ولم تتوقف جهود ابناء هذه القرية الصغيرة عند تنفيذ مشروعات الخدمات وانما امتدت الي تنفيذ مشروعات تنموية اقتصادية وذلك عندما قرر احد رجال الاعمال المشهورين من ابناء القرية والمقيم بالقاهرة والذي اصر علي عدم ذكر اسمه تنفيذ مشروع لتنمية المشروعات الصغيرة داخل المنازل بنظام القرض الحسن مثل مشروعات تربية الدواجن والماشية والاغنام واصلاح السيارات والمحال التجارية وتصنيع المنظفات ورصد له نحو5 ملايين جنيه ويعتمد المشروع علي قيامه بمنح قروض حسنة تتراوح قيمتها فيما بين5 آلاف و75 الف جنيه ويقوم الراغب في تنفيذ المشروع بتقديم دراسة جدوي اقتصادية ويحدد رأس المال الذي يريده كما يحدد طريقة وكيفية سداد الاقساط وفقا لاستطاعته وفترة السماح التي يريدها ويدير المشروع لجنة من3 اشخاص من ابناء القرية وقال انه استفاد من هذا المشروع حتي الآن120 من اهالي القرية وهم يقومون بسداد قيمة القرض بانتظام وبنسبة تزيد علي90% فيما عدا عدد يقل عن اصابع اليد الواحدة واضاف رجل الاعمال انه عندما رأي تكدس فصول مدارس التعليم الاساسي بالقرية بدا هذا العام في اعطاء حافز مادي قدره50 جنيها شهريا للتلميذ الذي يلتحق بالمعهد الديني لحل هذه المشكلة وتشجيع اولياء الامور علي الحاق اولادهم به. ,وخلال رحلتنا بالقرية قمنا بزيارة احدي من السيدات اللائي حصلن علي قرض حسن من رجل الاعمال وهي سناء محمد الشربيني وقالت حصلت علي قرض قيمته5 آلاف جنيه وقمت بعمل مصنع متواضع داخل منزل زوجي محمد مصطفي لتصنيع المنظفات الصناعية والصابون والمطهرات والكلور والفنيك واشارت الي انها حاصلة علي دبلوم زراعة وصقلت خبرتها في احد مصانع المحلة الكبري وتقوم الآن بسداد القرض بانتظام اما محمد السعيد السيد فقال انه حصل علي قرض قيمته6 آلاف جنيه واشتري6 رءوس اغنام اصبحت الآن11 راسا وقال محسن عبدالسميع انه حصل علي قرض قيمته10 آلاف جنيه نفذ بها مشروعين الاول لانتاج الدواجن والثاني محل تجارة اما ابو الحسن الجوهري فقد حصل علي قرض قيمته75 الف جنيه وقام بتنفيذ مشروع تجاري لبيع مستلزمات العرائس وهكذا بعد سنوات قليلة تحولت قرية الكردود من قرية معدمة الي قرية شبه مكتملة الخدمات و اشار كل من التقيناهم الي حاجة القرية الي وحدة صحية ومدرسة ثانوية وترميم مدرسة التعليم الاساسي وتخصيص ارض ملعب كرة لمركز الشباب وسيارة اسعاف طواريء, حيث ان القرية تقع علي طريق بحر حفير شهاب الدين وهو طريق ضيق تكثر به الحوادث.