يهل علينا عيد الأضحي المبارك أعاده الله علي مصر والأمة العربية والإسلامية بكل الخير والأمان لنتذكر معه أروع قيم التضحية والفداء والعطاء لدي الإنسان المسلم في كل زمان ومكان, قال تعالي في سورة الصافات فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين.. إلي أن قال سبحانه وفديناه بذبح عظيم. هذه قصة سيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام حين امتثل الابن لما رآه أباه في المنام طواعية ودون اعتراض إلي أن فداه الله بكبش عظيم, والذي صار منذ هذا اليوم نسكا يقوم به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بإقامة الذبائح تلبية لنداء رب العالمين. وقد شاءت الظروف أن يأتي عيد الأضحي المبارك مواكبا لاحتفالات مصر بانتصار أكتوبر العظيم الذي ضرب فيه الجنود المصريون خير أجناد الأرض أروع قيم التضحية والفداء والعطاء من أجل الوطن فلبوا الأمر الصادر لهم من الرئيس الراحل أنور السادات والمتمثل بقرار العبور وانطلقوا حاملين أسلحتهم علي أكتافهم وعبروا قناة السويس علي زوارقهم المطاطية ليصلوا في مشهد رائع غير مسبوق في تاريخ المعارك الحربية علي مستوي العالم إلي الشاطئ الشرقي للقناة ويصعدوا إلي خط بارليف الحصين الذي تحول بإرادتهم في دقائق معدودة إلي كتل من الرماد لينطلقوا بعد ذلك إلي أرض سيناء الغالية يقبلون ترابها الطاهر ويهتفون الله أكبر الله أكبر رافعين أعلام النصر ليحققوا لوطنهم أكبر انتصار في تاريخ العسكرية المصرية شهد له الأعداء وفي مقدمتهم الجنرال ايريل شارون الذي ذكر في الحوار الذي نشره الأهرام يوم6 أكتوبر مع اللواء أركان حرب سمير فرج وقال فيه شارون إن المفاجأة التي أذهلتني في عام1973 هي شراسة الجندي المصري وبطولاته الذي لم أقابله قبل ذلك في حرب1956 أو1967, عندما كان هذا الجندي لا يعرف القراءة والكتابة ولكنه في1973 وعندما كنت أستجوب بعض الأسري علمت أن هؤلاء الجنود من خريجي كليات التجارة والهندسة والحقوق والجامعات الأخري وشاهدت الإسرائيليين وهم يفرون أمام بسالة الجنود المصريين, وأضاف أن الروح المعنوية العالية للمقاتلين المصريين كانت في قمتها وهم يتقدمون في هذه الحرب, وشاهدت عشرات الدبابات الإسرائيلية التي دمرها المصريون الذين خرجوا من وسط الأشجار في الإسماعيلية, وتأكد لنا منهم بسالة وشراسة المقاتل المصري الذي لم يعد يرهبه الجيش الإسرائيلي فصنعوا لبلدهم أكبر انتصار في التاريخ. ولعلي بهذه المناسبة أطالب شبابنا في هذا الزمن أن يقرأوا تاريخ بلدهم عن هذه الحرب الفاصلة, وكيف كان هؤلاء الشباب من البسطاء والفقراء الذين لم يكن همهم سوي غسل عار الهزيمة والثأر لها والتصميم علي الانتصار فلا يبحثون عن جاه ولا مصلحة خاصة ولا مطمع في كسب مادي فكانت مصر هي شاغلهم الأول, فلم نجد في هذا الوقت أي مظاهرات بين المصريين ولا اعتصامات ولا حتي مطالب فئوية ولا قطع طرق بل كان هدفهم الأول والأخير هو المصلحة العليا للوطن, وإذا كانت مصر تمر الآن بظروف قاسية وتعاني من أزمات في الاقتصاد والسياحة والاستثمار فواجب المصريين الأول بكل فئاتهم وأعمارهم أن يقتدوا بجيل أكتوبر73 في التضحية والعطاء لبلدهم وأن يبذلوا الغالي والرخيص من أجل نهضة أوطانهم حتي يسترد الاقتصاد عافيته من جديد وتزدهر السياحة ويعم الرخاء علي كل المصريين وتعود مصر إلي مكانها الأول في الريادة والتقدم ويتفرغ الجميع لزيادة الانتاج وتحقيق المصلحة العليا للوطن مستلهمين روح أكتوبر التي عاشها أقرانهم منذ39 عاما. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى