تجري في يوم الجمعة19 أكتوبر الجاري وفي المدينة التعليمية بالسادس من أكتوبر انتخابات الرئاسة في حزب الحرية والعدالة , وهي أول انتخابات تجري في النور تحت مرأي ومسمع من متابعات داخلية وخارجية. ما أن عدد المصوتين فيها وهم أعضاء المؤتمر العام وفق أحكام المواد الانتقالية يقترب عددهم من ألف ومائتين من الأعضاء ويعد أبرز المتنافسين في الانتخابات الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب والقائم بأعمال الرئيس حاليا ود.محمد سعد الكتاتني الأمين العام للحزب ورئيس مجلس الشعب السابق بالاضافة الي مرشحين محتملين من بينهم السيدة صباح السقاري. تكتسب هذه الانتخابات أهمية كبري, حيث إنها التجربة الأولي لحزب الحرية والعدالة في تطبيق أسلوب ديمقراطي وإعمالا لمبدأ الاختيار المباشر من القواعد الحزبية, مع وجود منافسة حقيقية بين قطبين من القياديين في الحزب. وأمام اعضاء المؤتمر العام فرصة ذهبية لإرساء هذه المعاني التي حينما تتحقق تجعل الحزب قويا في بنيانه, ولا بد من اعتماد معايير موضوعية يحتكم إليها أعضاء المؤتمر العام في حسم هذه المنافسة المرتقبة, وأقدم اجتهادي في النقاط التالية: 1- الكفاءة السياسية لشغل هذا المنصب المهم, وللوصول إلي هذا المعيار فإنه من الضروري القراءة المتأنية والدقيقة للسيرة الذاتية لكل مرشح. 2- الرؤية الجادة لتطوير الأداء الحزبي, حيث تعتبر الأحزاب المصرية في مجملها حديثة عهد بالممارسة التنافسية في عالم السياسة, ومن ثم يجب تطوير الرؤية السياسية وما يخدمها من هياكل حزبية يتم توظيفها وفق خطة واضحة تمكن الحزب من الوصول إلي الأغلبية المطلوبة في الانتخابات التشريعية والمحلية. ويستلزم ذلك عرض المرشحين رؤاهم وخططهم علي أعضاء المؤتمر العام. 3- الخبرة الواسعة في التعامل مع الآخر سواء أكان أحزابا سياسية أو قوي وطنية ومنظمات للمجتمع المدني بل وأفرادا ومجموعات صغيرة, لأن هذا يعود بالنفع المؤكد علي تطوير منظومة التعامل بين أبناء الوطن. 4- التفرغ التام أو شبه التام بقيادة الحزب التي تستلزم حتما جولات ميدانية كثيرة وزيارات متوالية للمحافظات من أجل التواصل مع القواعد الحزبية, ومقتضي ذلك ألا ينشغل رئيس الحزب المنتخب بأي منصب حكومي أو نيابي, وبالتالي يكون وقته كله مكرسا لمتابعة الأداء الحزبي الذي ينعكس حال حدوثه علي نجاح الحكومة والبرلمان بغرفتيه( النواب والشيوخ). 5- القدرة الحقيقية علي التعامل مع التيارات التي قد توجد داخل الحزب, فرغم أن حزب الحرية والعدالة قد أنشأته جماعة الاخوان المسلمين برغبتها الحرة فإنه يقبل في عضويته أي مصري يلتزم ببرنامجه وأهدافه, ولئن كان أفراد الاخوان المسلمين في داخل الحزب تتم تربيتهم بشكل يحفظ تماسك الحزب, فإن أعضاء الحزب غير المنتمين للاخوان المسلمين ليسوا بالضرورة علي نفس القدر من التعامل المنضبط ويحتاجون دائما إلي من يستطيع أن يطور بهم الحزب وأن يطورهم الي المستوي الذي يحرصون به علي تماسك البنيان الحزبي. 6- استطاعة ضبط العلاقة بين الحزب والسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية والحكومة في كل الظروف التي قد تجعل الحزب مهيمنا علي التشكيل الحكومي أو مشاركا فيه أو حتي خارج مقاعد الوزارة. 7- المرونة الكافية في التعامل مع جماعة الاخوان المسلمين التي أنشأت الحزب وأعلنت أكثر من مرة انها لا تهيمن عليه اداريا وماليا رغم الاتفاق التام في المنهج والمقاصد السياسية. 8- المعرفة الميدانية لكيفية التواصل مع جماهير الشعب وبصفة خاصة في هذه الفترة القلقة من حياة المصريين التي يرتفع فيها سقف طموحاتهم ويتطلعون إلي تحقيق طلباتهم المشروعة التي حرموا منها طويلا من حياة حرة كريمة وعمل مناسب ودخل يكفي متطلبات الحياة وطلبات أساسية في جودة التعليم والتأمين الصحي والسكن الملائم. ومعلوم أن الحزب الناجح هو الذي يتفاعل مع هذه المتطلبات, ويكون برنامجه محققا لها, بالإضافة إلي شحذ همم الجماهير للعمل المنتج. 9- العمل علي تميز الحزب بين الأحزاب المصرية وبذل الجهد ليكون الحزب معبرا عن الوسطية المصرية ذات المرجعية الإسلامية, فلا هو حزب ديني ولا هو حزب علماني بل هو حزب ديمقراطي مدني حديث, يحرص علي تأصيل المواطنة والمساواة بين سائر المصريين. ومعظم الأحزاب المصرية تعرف نفسها بتعريفات تقترب كثيرا من هذا التعريف, لذا يلزم بذل الجهد لكي يتميز حزب الحرية والعدالة بين أكثر من ستين حزبا بعضها ذو مرجعية إسلامية وبعضها ليبرالي وبعضها يساري, وكل حزب يحاول استقطاب الجماهير حوله والذي ينجح في ذلك هو الحزب المتميز. 9- العمل علي التواصل مع الأحزاب في الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة إفريقيا ودوليا لما لهذا التواصل من أثر فعال علي العلاقات المصرية الخارجية, ويتطلب ذلك من رئيس الحزب إنشاء أطقم تواصل حزبية مع جميع الدوائر المشار إليها. هذه معايير عشرة أضعها بين يدي أعضاء المؤتمر العام علها تساعد في دقة اختيار, ولهم بالطبع حق الإضافة عليها أو الحذف منها أو إعادة ترتيبها حسب قيمتها عند كل عضو من أعضاء المؤتمر العام, فإن حدث ذلك فلدي ولدي الكثيرين أمل عريض في أن تكون هذه الانتخابات نموذجا في التنافس فيستفيد الحزب أيا كان الفائز بالمنصب, كما أنني مع غيري نشعر بالسعادة أننا نخوض هذه التجربة لأول مرة تحت ناظري سائر المصريين بل أمام الكثيرين من خارج الوطن, وكل ذلك يتم في العلن وفي النور الذي نحرص علي أن يسود مجتمعنا وأحزابنا فنقول بحق إن النور في انتخابات حزب الحرية والعدالة قد تحقق وهذه هي المرحلة الأولي التي يقطعها أعضاء الحزب وأمامهم مراحل أخري لا تقل أهمية في الانتخابات البرلمانية المقبلة.