لا اعرف سببا واضحا يحول دون اذاعة المسودة الاولي لمشروع الدستور علي الملأ, ما دامت اللجنة التأسيسية قد انتهت بالفعل من صياغتها وسوف تبدأ علي الفور عقد جلسات استماع يحضرها ممثلو الاحزاب المختلفة لمناقشة المسودة في صورتها الاولي, وأظن ان نشر المسودة سوف يمكن المصريين من متابعة هذه الحوارات عن قرب, ولعلهم يتمكنون من تقديم ملاحظاتهم الاخيرة الي لجان الاقتراحات والاستماع قبل البدء في مراجعة مواد المسودة مادة مادة, خاصة ان الاراء لا تزال تتضارب حول كثير من مواد مشروع الدستور بسبب نطاق السرية الذي فرض علي اعمال اللجان الفرعية, وتناقض تصريحات المتحدث الرسمي مع تصريحات كثير من الاعضاء المشاركين! وإذا كان حزب الحرية والعدالة علي وشك ان يطلق حملته, اعرف دستورك لتوعية المواطنين بمقاصد الدستور وأهدافه علي حين تعتزم بعض القوي المعارضة تدشين حملة مناهضة تحذر المواطنين من الموافقة علي مواد الدستور, يصبح نشر المسودة في صورتها الاولي امرا ضروريا يمكن المواطنين من التمييز بين الرؤي والاجتهادات المختلفة بعيدا عن شطط الاراء علي الجانبين, ولا اظن ان نشر المسودة يمكن ان يرتب اية اثار سلبية علي عملية مراجعة نصوص مشروع الدستور, علي العكس سوف يضفي المزيد من الشفافية علي اعمال اللجنة التأسيسية ويثري الحوار الوطني ويزيد من حجم التوافق المجتمعي حول مواد الدستور الجديد, ولعله يسهم في ايجاد حلول لما تبقي من مشكلات حول بعض المواد التي لا تزال موضع خلاف ويزيد من تفاعل المصريين مع وثيقة مهمة وخطيرة تحدد مستقبل البلاد وترسم ملامح الحكم في الفترة القادمة. وايا كانت موضوعية الاسباب التي فرضت تعتيم عمل اللجنة التأسيسية, ومنع حضور الصحفيين جلسات لجانها الفرعية فقد ظلت عملية تسريب الاخبار السمة الغالبة علي اعمال اللجان حيث شاركت كل التيارات في تسريب وجهات نظرها في بعض المواد علي انها وجهة النظر الغالبة, الامر الذي اثار كثيرا من اللغط وضخم من حجم الخلافات داخل اللجان ووضع اللجنة التأسيسية تحت ضغوط عديدة, ولان اللجنة التأسيسية تملك الان مسودة اولي لكل مواد الدستور سوف تجري مراجعة موادها مادة مادة في اجتماعات اللجنة العامة, يصبح من الضروري اذاعة جلسات المراجعة علي الملأ, صوتا وصورة, بما يساعد كل مواطن علي تشكيل اقتناعه بالدستور ويحفزه الي الذهاب الي صناديق الاستفتاء والمشاركة برأيه عن معرفة ودراية بحيث يمكننا القول ان كافة اطياف الشعب شاركت بالفعل في كتابة الدستور الجديد. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد