من المنتظر أن توجه الحكومة المصرية طلبا رسميا خلال الشهر الحالي لصندوق النقد الدولي لإرسال بعثة فنية للتفاوض علي البرنامج المصري الذي تم عرضه علي مديرة الصندوق كريستين لاجارد خلال زيارتها للقاهرة الشهر الماضي, وفي اتصال هاتفي بالدكتور عبدالشكور شعلان عضو مجلس ادارة الصندوق وممثل مجموعة الدول العربية أعرب عن قناعته بجدية الحكومة المصرية في التوصل لاتفاق, وتفاؤله بأن يحقق البرنامج المصري أهدافه لاستعادة انطلاق الاقتصاد المصري, مؤكدا الانطباع الايجابي لمديرة الصندوق عقب زيارتها لمصر ومباحثاتها مع المسئولين المصريين ولقائها بالرئيس محمد مرسي. من ناحية أخري علمت مندوبة الأهرام أن البرنامج المصري الذي انتهت منه الحكومة المصرية للتثبيت الاقتصادي يتضمن حزمة من الاجراءات الفاعلة والتي تحقق اصلاحا للوضع الاقتصادي الحالي دون اخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية وحماية الطبقات محدودة الدخل. ويتضمن برنامج الحكومة معالجة لعجز الموازنة لينخفض بشكل تدريجي علي مدي أربع سنوات من10% الي5%, اضافة الي سياسات اقتصادية تحقق زيادة في الايرادات وتخفيض في النفقات, وتدبير ما يقرب من150 مليار جنيه استثمارات اضافية لزيادة معدل النمو الي7% علي مدي الأعوام الثلاثة المقبلة وبما يسمح بتوليد700 ألف فرصة عمل سنويا وذلك لمواجهة مشكلة البطالة. كما يتضمن البرنامج محاور واقعية لزيادة الموارد قيد الدراسة النهائية منها تطبيق ضريبة تصاعدية محدودة علي الأرباح الكبيرة, ولفترة مؤقتة قد تصل الي خمس سنوات لعبور مرحلة التحول الاقتصادي يتم إلغاؤها بعد هذه الفترة تشجيعا للاستثمار, وتعديل قانون الضريبة العقارية بما يسمح بإعفاء السكن الخاص, واصلاح ضريبة المبيعات وتحويلها الي ضريبة القيمة المضافة بما يضمن توزيع عبئها علي كل مرحلة انتاج وتوزيع وبما يحقق العدالة ويقلل العبء علي المستهلك الأخير ويزيد من العائد, وترشيد الدعم للبنزين والغاز وقصره علي محدودي الدخل الذين تم حصرهم في أسر الضمان الاجتماعي وحاملي بطاقات التموين, خاصة أن دعم البوتاجاز تصل قيمته الي25 مليار جنيه يذهب80% منه للأغنياء. وقد أفادت الاحصاءات التحليلية لدي البنك المركزي حول المؤشرات الدولية انخفاض المخاطر السياسية في تصنيف مصر الائتماني من723 نقطة في22 يونيو الماضي الي500 نقطة في نهاية اغسطس الماضي وذلك عقب انتخاب رئيس الجمهورية وتعيين الحكومة الجديدة بما يدعم من فرص رفع التصنيف الائتماني لمصر في الفترة المقبلة, علما بأن أحدث تقويم من مؤسسة بلو مبرج العالمية وضع المخاطر السياسية المستقبلية لمصر عند وزن نسبي485 نقطة أفضل من ترتيب دول مثل ايطاليا واليونان وسلوفينيا, بينما صنفت مؤسسة ستاندرد أند بورز مصر في فئة بي. كذلك أفادت التقارير الدولية تحسن مؤشر التعامل المستقبلي علي الجنيه المصري في السوق العالمية لمدة عام حيث تحسن سعر الجنيه امام الدولار من7.1348 جنيه في12 يونيو الماضي الي6.6195 جنيه في23 اغسطس الماضي عقب زيارة مديرة صندوق النقد لمصر. وصرح طارق عامر رئيس اتحاد البنوك المصرية لالأهرام بأن سندات الحكومة المصرية في السوق العالمية انخفضت تكلفتها بواقع400 نقطة عقب شهرين من انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة, بما يؤكد النظرة الايجابية من المستثمر العالمي للسوق المصرية, وتراجع المخاطر السياسية والتجارية المرتبطة بها. وأشار مصدر مسئول الي أهمية التوقيع علي برنامج مصر للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي مع صندوق النقد الدولي حيث لايزيد عبء هذا القرض علي1.1% تمثل المصاريف الادارية لانتقال بعثات خبراء الصندوق, حيث يسمح هذا الاتفاق لمصر بالحصول علي الحزم التمويلية التي قررتها الدول المانحة لدول الربيع العربي وفي مقدمتها مصر وتونس من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي والمنطقة العربية والتي تصل اجماليها الي نحو عشرة مليارات دولار تغطي الي جانب قرض الصندوق الفجوة التمويلية المطلوبة لعبور الاقتصاد المصري للمرحلة الانتقالية وسرعة التعافي من آثار ما بعد ثورة25 يناير ويتراوح حجم هذه الفجوة ما بين12 و14 مليار دولار. وأفاد المصدر بأن قدرة الحكومة علي الاقتراض الداخلي أصبحت محدودة مع تفاقم حجم الدين المحلي الذي تجاوز ال800 مليار جنيه منها500 مليار جنيه حجم مشتريات البنوك من أذون وسندات خزانة تدفع عنها الدولة عائدا يصل إلي16% تزيد من عبء تكلفة الاقتراض علي الموازنة.