ما من شك أن أي وسيلة للتعبيرعن الرأي أيا كان، لابد وأن تحترم معتقدات الآخرين. منذ منتصف الأسبوع الماضي إنطلقت مظاهرات في مصر وليبيا وتونس واليمن والسودان منددة بفيلم تافه لا وزن له يتعرض لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام. وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وعلى الرغم من أن الله جل جلاله قد كفى نبيه أمثال هؤلاء، عندما قال في كتابه العزيز : " إنا كفيناك المستهزئين" - فأننا شاهدنا جميعا كيف إنقلبت هذه المظاهرات إلى عنف أدى إلى قتل السفير الأمريكي في ليبيا وحرق السفارة الأمريكية في اليمن وإنزال العلم الأمريكي من أعلى السفارة في القاهرة واقتحامها في السودان. ولم يكتف من خرجوا في مصر بذلك، بل إنقلب الأمر برمته ليعيد إلى أذهاننا مشاهد المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وإقامة الجدران حول الأبنية لحمايتها. من خرجوا رافعين رايات سوداء ليدمروا ويقتلوا ويحرقوا، هل نصروا بالفعل النبي الكريم ؟ لماذا يدفعنا الغضب دوما لخسارة قضيانا ؟ متى نتعلم كيف نغضب ؟ ومتى نتعلم كيف نستفيد من أي حدث لندافع به عن مصالحنا ؟ ألا يرى هؤلاء أن الأمر قد تحول تماما وأصبحنا نحن من يعتذرفي مصر وليبيا واليمن وتونس والسودان ؟ ليس هذا فحسب، بل بفضل هؤلاء تم الترويج لهذا الفيلم الحقير بشكل كبير لم يكن يحلم به من أنتجوه. المؤسف أن كل هذه الأحداث قد أدت إلى وصول بارجتين أمريكيتين على شواطئ ليبيا ووصول قوات بحرية إلى اليمن وتونس لحماية المواطنين الأمريكيين ... ألا يدرك هؤلاء خطورة هذا الموقف على مصر؟ ألا يفطن هؤلاء إلى أنه بسبب هذه الدائرة المفرغة التي دخلنا فيها، أننا قد نسينا حق الشهداء وضحايا الأحداث المؤسفة، ونسينا حادث قتل الجنود على الحدود فى رمضان، ولا نهتم بأحكام براءة قتلة المتظاهرين، ونسينا أن دستورنا تتم كتابته دون أن نعلم عنه شيئا ؟ أم إن المطلوب هو إلهاؤنا وأن نفقد ثقة العالم على المستوى الدولي، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى التعاون معه من أجل إنتشالنا من مشاكل عديدة نعاني منها خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والموازنة ؟ أو ربما هي حرب الإنتخابات قد بدأت بالفعل ؟ عفوا ... أين مصلحة الوطن ؟
إذا كنا نبغي نصرة نبينا حقا، فعلينا اتباع سنته، بألا نوقظ الفتن ولا ننتهك الأعراض، ولا نكفر الآخر، ولا نسيء استخدام آيات القرآن الكريم، ونقيم العدل، ولانشتم ولا نسب فلم يكن عليه الصلاة والسلام لعانا ولا شتاما. بل بان ننهي مأساة سوريا والعراق والصومال وغيرها من الدول الإسلامية التي تعاني تحت سمعنا وبصرنا باسم الإسلام زورا وبهتانا. كان من الممكن إبداء الاعتراض ورفض كل ما يسيء إلينا وأن نسجل موقفا متحضرا يدفع الآخر إلى احترامنا ومراجعة نفسه، ولكن هذا لم يحدث. تماما كما أوجز الإمام الغزالي رحمه الله حين قال : " الإسلام قضية رابحة، محاميها فاشل". وسنظل نتحمل مرارة الفشل طالما أن بيننا من ينساق وراء هذا العبث دون أن نستطيع إيقافه أو محاسبته ... العجيب أن البعض لا يدرك أو يغض البصر والبصيرة عن أن الوقت ليس في مصلحتنا... اللهم أفرغ علي المصريين صبرا، بل أستعير ما قاله الكاتب الكبير أحمد رجب : " اللهم ارحم مصر من المصريين " ... آمين .. [email protected] المزيد من مقالات رشا حنفى