ليلة القدر هى أفضل الليالي، حيث أنزل الله فيها القرآن الكريم، وأخبر سبحانه أنها خير من ألف شهر وأنها مباركة، وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، قال تعالى»إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»، وقال سبحانه»إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْر وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ»، وقد دلت هذه الآيات على أن العمل فيها خير من العمل فى ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم ورحمة من الله لعباده، فجدير بالمسلمين أن يعظموها وأن يحيوها بالعبادة. وأكد علماء الدين، أن ليلة القدر نفحة ربانية من الله تعالى لعباده، الذين يتعرضون لهذه الليلة المباركة بالعبادة والطاعة والدعاء لمغفرة الذنوب والعتق من النار، حيث إن خير الدعاء فيها هو طلب العفو من الله تعالى، وطالبوا بتحرى هذه الليلة بفعل الخيرات وترك المنكرات، ابتغاء الثواب من الله تعالى. ويقول الدكتور عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر، إن ليلة القدر هى ليلة الخير وطلب المغفرة والعفو من الله والعتق من النار، أخبر عنها النبى - صلى الله عليه وسلم - أنها إحدى ليالى العشر الأواخر من رمضان، وبين عليه الصلاة والسلام أن من قامها بالصلاة وسائر أنواع العبادة من قراءة ودعاء وصدقة وغير ذلك إيمانا، بأن الله شرع ذلك، واحتسابا للثواب عنده، لا رياء ولا لغرض آخر من أغراض الدنيا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه. وعن أصل تسميتها بليلة القدر قال، إنها سميت بذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقدر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة، وقيل: لعظيم قدرها وشرفها، وقيل: لأن للطاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا، وهى ليلة قدر وشرف لنزول القرآن فيها، وللطاعات فيها قدر وفضل على الطاعات فى غيرها، وهى ليلة تكثر فيها الملائكة بالأرض كثرة لا تكون فى غيرها لقوله تعالى «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا». فى العشر الأواخر وأشار د. هلال الى ان النبى صلى الله عليه وسلم، قد اخبر أنها فى العشر الأواخر من رمضان، وأن أوتار العشرة أرجى من غيرها، فقال عليه الصلاة والسلام»التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان، التمسوها فى كل وتر»، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن هذه الليلة متنقلة فى العشر، وليست فى ليلة معينة منها دائما، فقد تكون فى ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون فى ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون فى ليلة خمس وعشرين، وقد تكون فى ليلة سبع وعشرين وهى أحرى الليالي، وقد تكون فى تسع وعشرين، فمن قام ليالى العشر كلها إيمانا واحتسابا أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله به أهلها، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالى بمزيد اجتهاد لا يفعله فى العشرين الأول من الشهر الكريم، قالت السيدة عائشة رضى الله عنها»كان النبى صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العشر الأواخر من رمضان». أفضل الدعاء وحول الدعاء فى ليلة القدر، يوضح الدكتور عطية مصطفى أستاذ الدعوة والثقافة ووكيل كلية الدعوة بالمنوفية، أن أفضل الدعاء فى هذه الليلة المباركة، هو طلب العفو والمغفرة من الله تعالى، فعن عائشة- رضى الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر فما أدعو؟ قال قولي: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، فليلة القدر من أوقات الاستجابة فينبغى للمؤمن أن يكثر فيها من الدعاء، ولهذا سألت عائشة- رضى الله عنها- عن صيغة تدعو بها تلك الليلة، وقد بين رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- لزوجه الكريمة عليه صيغة الدعاء، فيتعين أن يكرر المسلم هذا الدعاء ليلة القدر، وأن يفضله على ما سواه لأنه لفظ أفضل الخلق الذى علمه لأحب زوجاته. وأشار الى أن التماس ليلة القدر يحتاج من المسلم التهيؤ والاستعداد، لما لهذه الليلة من قيمة كبيرة ومن قدر عظيم، فمن فوائد الصوم صفاء القلب واستنارة الروح واستعدادها بذلك لنفحات الله المعنوية، فقد ورد فى الحديث الصحيح» إن لربكم فى أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها»، والتعرض لنفحات الله يتمثل فى زيادة الطاعات وفعل الخيرات وترك المنكرات، فخيرية ليلة القدر راجعة إلى تفضيل الطاعة فيها والعمل الصالح على غيرها من الليالى والأيام، وهذا يفيد أن المسلم الذى يطلب ليلة القدر إنما يطلبها ليعمل صالحا ويجد فى العبادة، فالمؤمن إنما يطلبها للدين لا للدنيا، وقد ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».