نستهل هذه السطور بما يؤكده العديد من المؤتمرات والدراسات والتحليلات، وبما هو مطبق فى العديد من المجتمعات ذات السمعة الدولية فى النهوض بتعليمها من أن مسئولية التعليم هى بالدرجة الأولى مسئولية مجتمعية، ويتم النهوض به من خلال مشاركة الخبراء وأهل الاختصاص، ومختلف الهيئات والمؤسسات خاصة ذات الارتباط الوثيق منها بالتعليم: وهذا يعنى ضرورة الحوار القومى حول قضاياه، وعمليات تطويره، وعلى أوسع نطاق استهدافا إلى بلورة الرؤى والأفكار حول هذه القضايا، ما يساعد متخذ القرار على طرح خططه وإستراتيجياته، ووضع الآليات اللازمة لتحقيقها. وفى هذا السياق نشير وعلى سبيل المثال إلى بعض هذه القضايا وبالتحديد ذات الارتباط الوثيق بعمليات تطوير التعليم، من هذه القضايا: تحديد المجالات الأساسية لتحقيق النقلة النوعية فى عمليات تطوير التعليم، خاصة ما يتعلق منها بالبرامج الدراسية، وعمليات تحديث وتقويم هذه البرامج. وأيضا تلك المجالات المتعلقة بالإدارة فى مختلف الهيئات والمؤسسات التعليمية. الأبعاد الثقافية والسياسية والاقتصادية وعمليات التمويل ذات الارتباط الوثيق بالعمل على تطوير التعليم والنهوض به. تحديد الرؤى التربوية والثقافية مما يتم طرحه الآن من استخدام تكنولوجيا المعلومات فى عمليات التقويم والامتحانات، ومدى توافر البيئة الثقافية والمجتمعية القادرة على التعامل مع هذه الآليات. ضرورة مواجهة أدعياء عمليات التطوير من ذوى النفوذ والمصالح المادية والثقافية، بل وغيرهم ممن يحاولون توظيف العمليات التربوية والتعليمية لتوجهاتهم التى تعمل لخدمة جهات وجماعات معينة تستهدف النيل من الوطن وبكل مقوماته الثقافية والإنسانية، بل والعمل على تهديد الأمن القومى من خلال هذه التوجهات. باختصار علينا مواجهة هذه الفئات وفى الوقت نفسه ضرورة فتح الحوار القومى حول قضايا التعليم المصرى والعمل على تطويره، ولا تقتصر مناقشتها علي المؤسسة المعنية بأمر التعليم، أو على مستوى الهيئات الحكومية أو المجالس التشريعية، وبالتالى لابد من إجراء الحوار القومى حول قضايا التعليم المصرى، والابعاد المرتبطة بتطويره، فالتعليم مسئولية كل المجتمع باعتباره قضية أمن ومشروع مصر المستقبل وبوابة الدخول والمنافسة العالمية، والآلية المضمونة لتحقيق الأهداف القومية، ولن يتحقق كل هذا وغيره إلا من خلال تعليم عصرى متطور يسعى إلى تنمية القدرات البشرية لاقتحام آفاق العلم والمعرفة وتشجيع وتنمية الإبداع والابتكار والبحث وبناء العقلية الناقدة. إنه تعليم مصر صاحبة أول تجربة للتعليم الحديث فى المنطقة. لمزيد من مقالات ◀ د. محمد سكران أستاذ التربية جامعة الفيوم