الشيخ «محمد بخيت بن بخيت بن حسين المطيعى الحنفي»، علم من أعلام الإسلام وعالم من علماء الأزهر الأعلام ومن أبرز فقهاء القرن العشرين ..فهو الإمام العلامة الفقيه الأصولى المفسر، مفتى الديار المصرية. ولد فى قرية المطيعة بأسيوط فى سنة «1271ه - 1854م»، وتعلم فى الأزهر، واشتغل بالتدريس فيه، وانتقل إلى القضاء الشرعى سنة «1297ه»، عين مفتيًا للديار المصرية سنة «1333ه - 1914م»، وظل بالإفتاء حتى عام «1339ه - 1921م»، ولزم بيته يفتى ويفيد إلى أن توفى بالقاهرة سنة «1354ه - 1935م». الشيخ أحمد ربيع الأزهرى من علماء الأزهر والأوقاف يؤكد أن الشيخ محمد بخيت المطيعى عُرف بالزعامة فى علم الأصول، وتجاوزت شهرته مصر إلى العالم الإسلامي، ومن مواقفه البارزة أنه قد انفرد باستخدام كُتّابٍ لنقل فتاواه وتولّى إرسالها إلى طلابه فى مختلف الأقطار، متحملاً مكافآتهم شهرياً وأجر ما يرسله بالبريد من الكتب والرسائل. وللشيخ مواقف فريدة تبرز قوته فى الحق سواء فى القضايا الشرعية أو الوطنية ومما يؤكد ذلك أنه : رفض ثروة مغرية قُدمت إليه حين أصدر فتوى إسلامية فى وقفٍ من الأوقاف قائلًا كلمته الجليلة: «العلم فى الإسلام لا يباع»، كما رفض رجاء الخديوى عباس فى تنفيذ ما يراه فى صالح عمه الأمير حسين كامل، فأصدر حكمه بما يخالف وجهة القصر، ثم عين الأمير حسين كامل سلطانا على مصر، فظن الشيخ أنه سينتقم لموقفه السابق، ولكن السلطان دعاه وأثنى عليه وأمر بتعيينه مفتيا للديار المصرية قائلا: إن القاضى الذى يرفض رجاء حاكم مصر إذا خالف ما يعتقد جدير بأن يتبوأ أكبر منصب علمى فى البلاد. ومن مواقفه الوطنية المشهودة أنه لطم الاستعمار لطمةً قاسية حين أصدر فتوى دينية وطنية بمقاطعة لجنة «ملنر» الاستعمارية التى قدمت إلى مصر فى محاولة لتهدئة ثورة 1919م، فسرت مسرى النار فى الهشيم، وبددت ما نُسج من الأحلام والأمنيات، وقاطعها الوطنيون جميعًا بناء على فتواه. وبجوار هذه الشخصية القوية فى الحق كان الشيخ بخيت بين جوانحه نفس شفافة ذات بصيرة وعرفان ومما يدلل على ذلك ما ذكره الشيخ صالح الجعفرى عن شيخه فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعى؛ الذى تلقى عنه الشيخ الجعفرى علم التفسير، فيقول: «كان الشيخ بخيت المطيعى يدرس فى الرواق العباسى، وبينما هو كذلك ذات مرة شرع فى تفسير آية الصبر، وهى قوله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: 10]، فأراد أن يضرب مثالًا على الصبر كيف يكون، فقال: كأن يسبَّ «دخيلُ الله» «صالحًا»، و«صالح» يصبر، وكان الشيخ «دخيل الله» زميلًا للشيخ صالح الجعفرى فى الدراسة، وكان قد شتمه قبل حضورهما درس الشيخ، فكان ذلك كشفًا للشيخ المطيعى رحمه الله. توفى الشيخ المطيعى بالقاهرة سنة «1354ه - 1935م»، وقد ترك مؤلفات تعد من درر كتب الفقه والأصول، وبعد وفاته بسنوات منح الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك اسم الشيخ وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.