لن يكون الاعتداء الأخير على موقع إخبارى وما صاحبه من استنكار هو العدوان الأخير على الصحافة، فالذاكرة لا تسعفنا فى حصر العشرات من أعمال البلطجة المشابهة ولكن يكفى أن نتذكر حادثتين حديثتين، فى إحداهما تم استهداف مصور صحفى من جانب لاعبى الكرة بأحد فرق القمة وفى الثانية أمر نقيب لإحدى النقابات الطبية بالاعتداء على 4 صحفيين كانوا يغطون انتخابات النقابة، وهى حوادث متتالية تثبت أن البعض يستهين بسلطة الصحافة ونفوذ الإعلام وهو أمر يبعث بإشارات غير مريحة إلى الممارسين للمهنة. حالة الضعف التى ألمت بمهنة الصحافة سواء لتراجع الإقبال على الورقى منها أو لتدهور أحوال ممارسيها سواء على المستوى المهنى أو بالنسبة لأوضاعهم المادية، جميعها أسباب تسول لضعاف النفوس الاستهانة بقيمة رسالة الصحافة والتهوين من نفوذها وقدرتها على التأثير وحشد الرأى العام وراءها أمام أى اعتداء غاشم. انشغل العاملون فى بلاط صاحبة الجلالة ب(همهمات) وأحاديث جانبية وأحزان تحملها سطور مكتوبة بالدموع فى مواقع التواصل الاجتماعى تعبر عن حالة غير مسبوقة من الرعب والقلق لدى أصحابها إزاء ما تحمله الأيام القادمة من تحولات يخشون أن تعصف بوظائفهم ومورد رزقهم ومستقبلهم . لم يعد السؤال:هل تختفى الصحافة الورقية؟ بل أصبح: متى تختفى ؟ وأمام هذا التساؤل الوجودى المفزع يتعايش العاملون بالمؤسسات الصحفية مع شكواهم من ضيق الحال وعدم قدرة رواتبهم الهزيلة على مقاومة تغول الأسعار، تطغى استفساراتهم الملحة عن موعد صرف المستحقات المتأخرة على أى مبادرات لتحسين مهاراتهم وتطوير أدواتهم لإنقاذ المهنة من الاندثار. لكن ليس العاملون فى المؤسسات الصحفية والإعلامية وحدهم المسئولين عن هذا التردى المهني، فالمجتمع هو الآخر مسئول عن الحال الذى بلغته صاحبة الجلالة وتراجع تأثيرها بسبب الانجراف وراء (السوشيال ميديا) والاستسلام لفكرة أنها المصدر الأسرع لجلب المعلومة دون التحقق من مصداقيتها ودون التوقف أمام حقيقة تحولها إلى مصدر ثرى للشائعات! , قد يكون صدقا أن المهنة هانت على ممارسيها فأهانها الآخرون لكن العبء الأكبر يقع على الدولة فى استعادة الصحافة لأنيابها! [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين