رغم قيمته الغذائية العالية، فإن استهلاك التمر يرتبط فى مصر بشهر رمضان المبارك تأسيًا بالسنة النبوية المطهرة بأن يبدأ الصائم إفطاره بتناول التمر الذى يطلق عليه البعض فى مصر «ياميش الغلابة»، وقد ذكر التمر فى الكتب السماوية الثلاثة «التوراة الإنجيل القرآن»، ولم يذكر المولى سبحانه وتعالى شجرة فى القرآن الكريم كما ذكر النخلة، حيث ورد ذكرها فى عشرين موضعا بالإضافة إلى بعض الآيات التى ذكرت فيها النخلة بصفة من صفاتها، وقد قال الحق: «وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا» (مريم 25)، مما يؤكد القيمة الغذائية العالية للتمر ولا سيما للسيدات الحوامل، فلقد تبين أن التمر مصدر غنى بعناصر معدنية كالكالسيوم والحديد والبوتاسيوم والسيلينيوم (وهو مضاد أكسدة فعّال) بالإضافة إلى محتواه من البروتينات والسكريات البسيطة، سهلة الهضم إلى جانب الألياف الغذائية، ومن ثم فإن المداومة على تناول التمر تحمى الإنسان من هشاشة العظام والأنيميا وسوء الهضم والإمساك، ولتعظيم الاستفادة من التمر يضاف إليه اللبن أو عسل النحل. لقد عرف المصريون القدماء نخيل التمر حيث عثر على بقايا جذوع نخيل فى الواحات الخارجة يرجع تاريخها إلى العصر الحجرى القديم، كما جاء ذكر التمر ضمن نقوش قبر نفرماعت بميدوم من الأسره الرابعة (2680-2560 ق.م )، وكان التمر يسمى «بنر» أو «بنرت» بمعنى الطعم الحلو، وتجدر الإشارة إلى أن مصر هى الأعلى إنتاجا للتمر على مستوى العالم حيث تنتج 1.6 مليون طنً أى بما يعادل 18% من إجمالى الإنتاج العالمى من التمر، إلا أن ترتيب مصر على قائمة أهم الدول المصدرة للتمر يجئ فى المرتبة الثامنة، وتصدر مصر ما قيمته 20 مليون دولار أمريكى من التمر لكمية تصل إلى 23 ألف طن سنويًا ، وتنقسم التمور المصرية إلى ثلاث مجموعات رئيسية هى «الأصناف الرطبة» (الحيانى الأمهات السمانى الزغلول) و«الأصناف الجافة» (السكوتى البرتمودا الملكابى الجنديلة الشامية)، و«الأصناف نصف الجافة» (السيوى العمرى العجلانى العزاوى). وتمثل الأصناف الرطبة أكثر من نصف الإنتاج المصرى من التمور، ويصل إنتاج التمور المصرية سنويا إلى نحو 60 65 ألف طن من الوادى الجديد و 45 50 ألف طن من الواحات الخارجة و25 30 ألف طن من واحة سيوة التى يوجد بها نصف مليون نخلة مثمرة، ويصل متوسط إنتاج النخلة الواحدة من التمر إلى نحو 113 كيلو جراما. وأوضحت البحوث أن نوى البلح يحتوى على مركبات نشيطة حيويا يمكن استخدامها فى علاج بعض الأمراض، وإزالة الرصاص من ماء الشرب. ويتم تدوير جريد النخل لصناعة خشب «الكونتر»، وهو ما يؤكد أن للنخلة فوائد أخرى بالإضافة إلى إنتاج الثمار، فالنخلة بحق شجرة مباركة قال الحق عنها فى كتابه الكريم: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ» (ابراهيم24)، وفى حديث شريف يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها». لا يفوتنا هنا أن ننوه إلى أن هناك مهرجانا سنويا للتمور يقام منذ أربع سنوات فى واحة سيوة بمشاركة منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية ومنظمة الأغذية والزراعةFAO ، وتقدم ضمن فعاليات المهرجان جائزة سنوية يطلق عليها جائزة «خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعى» بالتعاون بين دولة الإمارات العربية ووزارة التجارة والزراعة فى مصر، وذلك تشجيعا للباحثين على تحسين جودة زراعة وتصنيع التمور ومنتجاتها وتعظيم الاستفادة من كل المنتجات الثانوية لنخيل التمر بغرض زيادة القيمة المضافة لنخيل التمر، وقد قيل قديما «بيت لا تمر فيه .. جياع أهله». د. محمد محمود يوسف عضو المجمع العلمى المصرى