أسخف ما يمكن أن يواجهه ولى أمر أمام أبنائه هو أن يوجههم إلى ما يعتقد أن فيه مصلحتهم، بينما هو غير مقتنع بالأصل بما يقول أو يوجه إليه!. دع عنك التوجيه الأخلاقى للأبناء فى زمن تجاوزنا فيه حد (القابض على الجمر)، وبات فيه الحفاظ على الحد الأدنى من الخلق القويم مبعث فخر بالأبناء وسط أقرانهم، فعليك تجاوز تلك الإشكالية الأخلاقية لأحدثك عن معضلة لم تكن بالحسبان، وهى تأهيل نجلى لامتحان آخر العام وكأنه لم يخض من قبل عشرات الامتحانات المتنوعة بين الفصلية والنهائية حتى وصل إلى المرحلة الثانوية. إذا كنت مثلى من المبتلين وكان أبناؤك يخضعون لنظام الثانوية العامة الجديد فستشعر بنفس الغصة والقهر النفسى الذى يلازمنى منذ بداية العام الدراسى مرورا بالامتحانات (التخيلية) التى اجتازها الطلاب وكان بطلها (تابلت من ورق) لم يصمد فى أول اختبار، عاد بعده آلاف الطلبة إلى منازلهم دون أن يحلوا سؤالا واحدا لسبب وجيه أنهم لم يروا الامتحان من الأساس؛ لأن (سيستم ) وزارة التعليم فشل فى تحميله على أجهزتهم (المجنى عليها)! نجلى كان من بين الآلاف الذين خاضوا موقعة (حضر الطلبة وغاب الامتحان) المعروف سابقا باسم امتحان نصف السنة، فقد استذكر دروسه حينذاك بشكل مقبول وعلى مدى أسبوعين كنت أسأله على استحياء بعد عودته من موقعة (التابلت الأولي) هل أحسنت التصرف بالامتحان؟ وكان الرد المكلوم:الامتحان لم يأت أصلا!. لقد اعتدنا أن نضغط على الأبناء كى يركزوا فى مراجعة دروسهم استعدادا لامتحانات آخر العام لكن لم أعد أجرؤ على تلك الفعلة مع نجلى، لأننى أعلم سلفا ما ينتظره فى موقعة (التابلت الأخيرة)، فالوزارة مصرة على إعلان فوز التابلت فى المواجهة المقبلة بدليل تمسكها بخوض الطلاب الامتحانات بنفس التابلت الذى لم يبيض الوجوه ولو لمرة. والآن أعيش هاجس عودة الابن (الصائم) من الامتحان ظهر يوم رمضانى قائظ تجيب قسمات وجهه الشارد عن سؤال عجزت عن توجيهه:كيف أديت فى امتحان اليوم؟ [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين