اكتسح الفنان فلاديمير زيلينسكى «خادم الشعب» نسبة إلى دوره فى المسلسل الذى قام فيه بدور الرئيس وإلى الحزب الذى خاض الانتخابات الرئاسية تحت شعاراته الانتخابات الأوكرانية متفوقا على منافسه بيترو بوروشينكو الرئيس الأوكرانى الحالى بنسبة تكاد تقترب من الثلاثة أضعاف حيث لم يتعد ما حصل عليه من أصوات نسبة ال 25,5%. وعلى الرغم من ان هذه النتيجة كانت محتملة الى حد كبير، على ضوء ما كان قد حصل عليه كل من المرشحين فى الجولة الأولى حيث بلغت نسبة اصوات المؤيدين لزيلينسكى ما يزيد على 30% اى ما يعادل ضعف ما حصل عليه بوروشينكو (قرابة 16%)، فان احدا لم يكن يتوقع مثل هذا الفارق الهائل بين رئيس كان ولا يزال يحظى بشهرة كبرى فى عالم العمل السياسى منذ مطلع القرن الجاري، فضلا عما يملكه من خبرات ادارية واقتصادية، رفعته الى مصاف مليارديرات أوكرانيا، وفنان هاو لم يعرف عنه احد فى السابق اهتمامه بالسياسة، ولم تتعد خبراته ما تراكم لديه خلال سنوات معدودات فى مجالات العمل الفنى والانتاج التليفزيوني، رغم تخرجه من احدى كليات الحقوق فى أوكرانيا. ولم يكن ذلك ليعنى الا قولا واحدا هو أن الناخبين لم يعطوا اصواتهم لزيلينسكى حبا فى ذلك الفنان, الذى خطف الأنظار منذ ادائه لدور الرئيس فى المسلسل التليفزيونى «خادم الشعب», أو ايمانا بقدراته التى يمكن من خلالها ادارة شئون البلاد والخروج بها بعيدا عما لحق بها من كوارث اقتصادية وسياسية، بقدر ما كان ذلك نكاية فى رئيس لم يف بما قطعه على نفسه من وعود بالرخاء الاقتصادى وتأمين البلاد ودعم استقرارها، واعلانا عن احتجاج مكتوم ضد تفشى الفساد وغرق البلاد فى لجًة الصراعات القومية المسلحة وضياع كثير من دعائم استقرارها بعد انضمام شبه جزيرة القرم الى روسيا. ولذا قد يكون طبيعيا، وعلى ضوء مثل هذه النتيجة التى لم تشهد اوكرانيا مثيلا لها على مدى كل سنوات تاريخها المعاصر، أن يبادر بوروشينكو (ولم يكن قد مضى على اغلاق صناديق الاقتراع دقائق معدودات) إلى الاعتراف بهزيمته والاتصال تليفونيا لتهنئة منافسه الذى طالما اتهمه بافتقاده لخبرة العمل السياسي. وننقل فى هذا الصدد ما قاله بوروشينكو حول انه سيترك فى الشهر المقبل منصب رئيس الدولة، مؤكدا ان ذلك هو ما قرره الأوكرانيون، وهو ما يقبله. لكنه سرعان ما أضاف انه «يود التشديد بشكل صارم على أنه لن ينسحب من السياسة»، فيما تعهد بمواصلة العمل من صفوف المعارضة، على اعتبار «ان ذلك سيكون فى حد ذاته مكسبا للبلاد» على حد قوله. ومن جانبه خرج زيلينسكى إلى ناخبيه ليؤكد لهم فى مؤتمر صحفى قصير, ان «المهمة رقم واحد» بالنسبة له تتلخص فى العمل من اجل الإفراج عن البحارة الأوكرانيين وكل المعتقلين من ابناء وطنه، الى جانب إعلانه عن ضرورة استئناف العملية السياسية بموجب اتفاقيات مينسك الموقعة فى فبراير 2015 والتى كان الرئيس المنتهية ولايته بيترو بوروشينكو أعلن عن عدم التزامه بها، رغم توقيعه عليها مع الرئيسين الروسى فلاديمير بوتين والفرنسى فرانسوا أولاند والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل. وفى هذا الصدد نقلت صحيفة «ار بى كا» الروسية عن روسلان ستيفانتشوك, أحد أبرز اعضاء فريق زيلينسكي, ما قاله حول ان الرئيس الجديد يضع علاقات اوكرانيا مع روسيا فى صدارة اولوياته. وكان زيلينسكى اعرب فى مطلع إبريل الجارى عن استعداده للمباحثات مع الرئيس بوتين من اجل إنهاء النزاع فى منطقة «الدونباس» فى جنوب شرق أوكرانيا، وهو ما قال انه يتطلب مشاركة موسكو وتغيير اطار اتفاقيات مينسك، وإن اكد التزامه بوحدة الاراضى الاوكرانية، فى اشارة غير مباشرة إلى شبه جزيرة القرم التى اعلنت روسيا عن ضمها بموجب نتائج الاستفتاء الشعبى هناك فى 2014. وأضاف زيلينسكى أن لديه خطته التى سوف يتم العمل بموجبها من اجل صرف التأمينات الاجتماعية لسكان المناطق المتضررة. ولم يغفل زيلينسكى الاشارة الى ما سوف يتخذه من اجراءات بخصوص أعضاء فريقه، حيث كشف عن انه سوف يبادر خلال الأيام القليلة المقبلة بطرح ما يراه من أسماء على مجلس الرادا (البرلمان) لتغيير وزراء الدفاع والخارجية والأمن إلى جانب النائب العام وغيرهم من الشخصيات المحورية فى قيادة الدولة. وفيما اقتصر اعلان موسكو عن مواقفها الرسمية من نتائج الانتخابات الأوكرانية فيما كتبه رئيس الحكومة الروسية دميترى ميدفيديف على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، بادر عدد كبير من القادة الغربيين بالاتصال بالرئيس الاوكرانى الجديد لتهنئته بالفوز الساحق، ومنهم الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون ويان ستولتنبرج أمين عام حلف الناتو، وكذلك الرئيس الامريكى دونالد ترامب الذى وصف الانتخابات الأوكرانية بانها كانت لحظة مهمة فى تاريخ البلاد، مؤكدا فى الوقت ذاته «استعداد الولاياتالمتحدة لمواصلة دعم أوكرانيا، والتزامها الثابت بسيادة ووحدة أراضى أوكرانيا ضمن حدودها الدولية المعترف بها»، فيما اعرب «عن استعداده للعمل معه لتنفيذ إصلاحات من شأنها تعزيز الديمقراطية وتحسين الرفاهية والقضاء على الفساد».وكان رئيس الحكومة الروسية قد اعرب عن تمنياته للقيادة الأوكرانية الجديدة «بالحكمة وسلامة العقل»، وتفهم ابعاد العلاقات بين الشعبين الروسى والاوكراني»، إلى جانب تضافر الجهود من اجل حل المشاكل العالقة بين البلدين.