المواد الجديدة كاشفة ومفسرة لمهمة الجيش واختصاصات القضاء العسكرى الغبارى: التعديل يحمل آفاقا للمستقبل ويتفق مع التخطيط الاستراتيجى للدولة الغباشى: المواد لا تمثل إقحاما للقوات المسلحة فى العملية السياسية
تحديات كثيرة شهدتها البلاد على الساحة السياسية خلال السنوات الخمس الماضية، ومع صمود الدولة المصرية قيادة وشعبا تجاه هذه التحديات التى حاولت استهداف الأمن القومى المصرى فى العديد من مجالاته، وأبرز هذه التحديات الجمة التى واجهتها الدولة ومازالت تواجهها مكافحة الإرهاب. فلم تكن تحديات ومواجهة إرهاب فحسب، وإنما عملية بناء شاملة لركائز ودعائم دولة عصرية حديثة توفر حياة كريمة لأبناء هذا الشعب الأبى تسير بالتوازى مع هذه التحديات، فتمت عملية البناء ومازالت وجارية التنفيذ. ولقد نجحت الدولة فى تحقيق هذا الإنجاز الكبير فى وقت عصيب حيث تم الانتهاء من تنفيذ حجم هائل من المشروعات القومية العملاقة، والتى بدأت الدولة فى تنفيذها منذ 4 سنوات، ومن أهمها مشروع قناة السويس الجديدة وأنفاق سيناء وبورسعيد والإسماعيلية وشبكة الطرق القومية الكبيرة والعاصمة الإدارية ومشروع هضبة الجلالة ومشروعات استصلاح المليون ونصف المليون فدان، الى جانب المشروعات الإسكانية الكبيرة فى عدد من محافظات الجمهورية، وتنفيذ مشروعات التنمية الشاملة فى سيناء، وغيرها من المشروعات. ولأن الدساتير عادة تعيش أزمنة طويلة دون تغيير، وصنعت لوضع أسس ومقومات للدولة لكن حجم المتغيرات والتحديات اكبر، ويستوجب ذلك إجراء تعديلات دستورية لمواكبة هذه التغيرات والتغلب على التحديات حفاظا على استقرار الدولة المصرية فى ظل هذه العوامل الداخلية والإقليمية والتى شهدتها البلاد من أجل إكمال مسيرة الإصلاح والبناء و التنمية. حيث استهدف تعديل المادة «200» إعادة صياغة مهمة القوات المسلحة وترسيخ دورها فى حماية الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة، كما استهدف تعديل المادة «204» منح القضاء العسكرى الصلاحية فى نظر الجرائم المترتبة حال قيام القوات المسلحة بحماية بعض المنشآت، كما استهدف تعديل المادة «234» والخاصة بمنصب وزير الدفاع والتوافق مع حالة الاستقرار التى تعيشها البلاد. ونستعرض المواد 200 و204 و234 من الدستور، والمتعلقة بالقوات المسلحة فى دستور 2014 وتعديلات هذه المواد التى وافق عليها البرلمان والتى سيجرى الاستفتاء الشعبى عليها لعام 2019. المادة «200» ففى «مادة 200» فى دستور 2014 نصت على أن «القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هى التى تنشئ هذه القوات، ويحظر على أى فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية. ويكون للقوات المسلحة مجلس أعلى، على النحو الذى ينظمه القانون». التعديل ل «المادة 200» ففى الفقرة الأولى (مستبدلة)، ونصت على أن «القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، والدولة وحدها هى التى تنشئ هذه القوات، ويحظر على أى فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية». المادة «204» وفى «مادة 204» فى دستور 2014 ونصت على أن «القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداء مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم، ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الاخرى. وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية». التعديل وجاء التعديل فى «المادة 204» الفقرة الثانية (مستبدلة): ونصت على انه « ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها أو المنشآت التى تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم». المادة «234» أما المادة 234 فى دستور 2014 فنصت على أن «يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسرى أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور». التعديل وجاء التعديل فى مادة 234 (مستبدلة): ونصت «يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة». أراء الخبراء العسكريين فى التعديلات ومن جانبه، قال اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق والخبير الاستراتيجى ان الدستور الذى لايحمل آفاق المستقبل ولا يتفق مع التخطيط الاستراتيجى للدولة يعتبر دستورا فاشلا، ويجب تعديله وانشاؤه من جديد، لان الدستور لابد ان يتفق مع المستقبل، وان التخطيط الاستراتيجى هو آفاق المستقبل فلايمكن التضاد بينهم. ويتساءل الغبارى: هل الدستور القديم يحقق آفاقا استراتيجية مستقبلية للدولة المصرية؟ فأجاب بالطبع لا، لأنه حد من قدرات وصلاحيات رئيس الجمهورية وأعطى لرئيس مجلس الوزراء سلطات اكبر بالرغم من انه يتبع رئيس الجمهورية فى السلطة التنفيذية. وأشار إلى ان الدستور القديم حدد مدة رئيس الجمهورية ب 4 سنوات وان أى تخطيط استراتيجى للدولة كالدول النامية مثل مصر يكون مستوى التخطيط الاستراتيجى 15 سنة وفى المتوسط 10 سنوات، والقريب 5 سنوات فكيف تكون مدة رئيس الجمهورية 4 سنوات فقط وهو المسئول عن التخطيط الاستراتيجى وكيف يتم محاسبته؟ وأضاف الغبارى ان نموذج الرئاسة بمدة 4 سنوات مأخوذ من النظام الامريكى، ولم نأت بنموذج النظام السياسى الامريكى الى مصر لنطبقه هنا، كما ان التخطيط الاستراتيجى فى أمريكا يقوم به مجلس الامن القومى وجماعة المصالح والمخابرات الامريكية ولجنتا الامن القومى فى الكونجرس والشيوخ وان رئيس الجمهورية فى امريكا ليس له فى التخطيط الاستراتيجى، ولكنه عندما ينجح بحزبه يكون مسئولا عن تنفيذ جزء من التخطيط الاستراتيجى فى مدة الرئاسة الخاصة به مع التعديلات التى تحدث نتيجة المتغيرات فى الاستراتيجية، فبذلك مدة الرئاسة لا تؤثر على التخطيط الاستراتيجى للدولة فى أمريكا، ولكن فى النظام السياسى المصرى يكون رئيس الجمهورية هو المسئول عن التخطيط الاستراتيجى مع مجلس الامن القومى ويصدق عليه من مجلس النواب ويصبح رئيس الجمهورية هو المسئول عن التنفيذ لأن مدة الرئاسة لا تقل عن مدة التخطيط الاستراتيجى، أى لابد ان تكون اكثر من 5 سنوات ومن هنا كان لازما تعديل مدة الرئاسة. وفيما يتعلق بالمادة 200، اكد الغبارى أنها كانت مادة لاتفسر مهمة القوات المسلحة وحددتها فى تحقيق الأمن القومى، فما حدودها وأبعادها؟ فيشير الغبارى الى ان الشبهة كانت موجودة لدى جماعة الاخوان المسلمين فى دستورهم وسار على دربهم لجنة الخمسين حيث كان هناك ميوعة فى مهمة القوات المسلحة فى المادة، ومن هنا وفى التعديل نعيد الحفاظ على صياغتها بتفسير النقاط المهمة وأهمها المكتسبات ومدنية الدولة لضمان عدم تغيير هوية الدولة ليكون دستورا مستقبليا يحقق الرؤى المستقبلية. وأضاف الغبارى ان المادة 234 فى دستور 2014 كان تعيين وزير الدفاع من المجلس الاعلى للقوات المسلحة لان المجلس الاعلى للقوات المسلحة هو اعلى تنظيم قيادى فى القوات المسلحة يتكون من الوزير ورئيس الاركان وقادة الافرع الرئيسية ورؤساء الهيئات وبعض الادارات المركزية وقادة الجيوش والمناطق اذ يمكن اختيار وزير الدفاع ضمن صفوة القوات المسلحة، وبالتالى الاختيار من المجلس نفسه وكان التعديل فى 2012 تعديل جماعة الاخوان فى دستور 2014 من قبل لجنة الخمسين الهدف منه تعيين وزير دفاع من خارج القوات المسلحة وهو ما كان مطلوبا لتنظيم الاخوان المسلمين وهذا كان خطأ فادحا. واشار الغبارى الى انه فى الدستور الحالى ذكر ان اى اعتداء على منشأة عسكرية او فرد او معدة او منشأة يحاكم امام محاكم عسكرية ولم تذكر المادة الاهداف التى تخص القوات المسلحة تأمينها والدفاع عنها وقت الاضطرابات او حالات الارهاب فبالتالى وجب تعديلها وتوسيع صلاحيات القضاء العسكرى لهذه المهام والاعمال التى من شأنها تهدد الامن القومى والتى لابد ان تكون تحت مسئولية القوات المسلحة. ومن جانبه، قال اللواء محمد الغباشى الخبير الاستراتيجى ان التعديلات الدستورية 2019 اشتملت على بعض المواد الخاصة بالقوات المسلحة والتى تمثل العمود الفقرى للدولة المصرية ففى المادة 200 اضافة مهام اخرى مثل صيانة الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الاساسية للدولة ومدنيتها ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الافراد، وهى إضافة طبيعية كاشفة وليست جديدة وهى تمثل تقنينا لوضع حدث بالفعل إبان أحداث 2011 وهو ليس استحداثا لمهام جديدة وهذا التعديل لا يمثل إقحاما للقوات المسلحة فى العملية السياسية كون القوات المسلحة قوات وطنية مهنية تعلم جيدا دورها وتؤديه بكل كفاءة وإخلاص وانحازت دائما لمطالب وخيارات الشعب ووقفت خلفه فى السراء والضراء. وأشار الغباشى إلى أن التعديل للمادة 204 فى الفقرة الثانية والخاصة بالمحاكمات العسكرية حيث أضافت حال مشاركة القوات المسلحة فى تأمين وحماية المنشآت العسكرية وما فى حكمها وكذلك المنشآت الحيوية، وذلك عند القيام بحمايتها وتأمينها مع قوات الشرطة متى استلزم الامر فإن الاعتداء على افراد القوات المسلحة بسبب تأدية اعمال التأمين والحماية تكون المحاكمات امام القضاء العسكرى وذلك أمر حتمى كون افراد القوات المسلحة تحمى وتؤمن المنشآت الحيوية للدولة مثل المستشفيات والبنوك والمحاكم والوزارات وهيئات ودواوين الحكومة وهى منشآت مدنية وتمثل ثروة للوطن وأمنا قوميا يدخل فى إطار عمل القوات المسلحة. وأضاف الغباشى ان التعديل بالمادة 234 والخاصة بتعيين وزير الدفاع والمقترح ان يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وان يعمل بهذا الشرط بصفة دائمة، وهو ما يتوافق عليه الجميع بالاستمرارية حرصا على المصلحة العامة للدولة والقوات المسلحة.