تأتى هذه السطور تعقيباً على ما تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب من تعديلات تتعلق بالشائعات فى سياق التعديلات الخاصة بقانون الإرهاب، والترويج غير المباشر للفكر الإرهابى المتطرف، وللأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف. ومع التسليم بأهمية مثل هذه التعديلات، بل وأهمية أن تتضمن كل ما يتعلق بالشائعات على اختلاف أنواعها وأشكالها، والتى نعانيها بفعل عشرات الظروف والعوامل الداخلية والخارجية، والتى تستهدف أبناء الوطن، والنيل من كل ما يبذل من جهد فى كل المجالات، وعلى كل المستويات. نقول: إنه مع التسليم بأهمية إصدار القوانين لمواجهة الشائعات، إلا أن هذا وحده ليس بكاف فى هذه المواجهة، وإنما لابد من التعامل مع الشائعات، إلى جانب التشريعات، من منظور ثقافى ومجتمعي، يكشف عن أبعادها، والظروف المرتبطة بها، وإثارة الوعى بأخطارها وأبعادها. فالشائعات كما هو معروف تختلف نوعاً، ضعفاً وقوة، وتأثيراً، باختلاف موضوعها، والهدف منها، والجمهور المتعلق بها. ومن المتفق عليه أن أخطر أنواع الشائعات ما يتعلق بالأمن القومي، بمختلف مكوناته ومقوماته، وتلك التى تحظى باهتمام الجمهور، ويتم استغلالها من خلال مختلف وسائل تكنولوجيا الاتصال للنيل من الآخرين على اختلاف مستوياتهم وأوضاعهم الاجتماعية والثقافية والعقائدية، فضلاً عن النيل من مقومات الأمة وأمنها القومي. وفى كل الأحوال فإن هناك من الظروف والعوامل وراء انتشار الشائعات، وفى القلب منها الأبعاد المتعلقة بقوى التآمر على الأمة، ومحاولة النيل من وحدتها وتماسكها. والأبعاد المرتبطة بقصور القدرة على النقد والتحليل، وعدم القدرة على التمييز بين الكاذب والصادق من الأخبار، بل وأحيانا عدم الرغبة فى بذل الجهد للوقوف على مدى صحة أو كذب هذه الأخبار. وانتشار بعض الأمراض الاجتماعية من سوء الظن وسوء العلاقة بين الناس وانتشار الضغائن والأحقاد والأنانية والأطماع، فى ظل غياب الأخلاقيات والقيم الانسانية. باختصار هناك عشرات الأبعاد والأسباب الثقافية والمجتمعية وراء ترويج الشائعات وانتشارها، ويبقى السؤال كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة؟ والإجابة واضحة كل الوضوح، وتتمثل من خلال ما سبق طرحه فى الارتقاء بمستوى الوعى الثقافى والمجتمعي، وسرعة المواجهة، وتوافر الحقائق والمعلومات المدعمة بالأفعال، وغيرها من الآليات القادرة على مواجهة الشائعات والتى لا تقلل بحال من الأحوال من أهمية إصدار القوانين، فى هذه المواجهة، والحد منها بقدر الإمكان. لمزيد من مقالات د. محمد سكران