قانون الأحوال الشخصية بصيغته الحالية بات قديما ويستحق ثوبا جديدا، ولدينا بعض الأمثلة على ذلك حيث لم ينتبه لخوف «نيفين» على ابنتها وهى فى طريقها إلى المدرسة من أن يتم خطفها من قبل والدها لأنه لم يكن لديه حل لقضية الرؤية، ولم يهتز لدموع «فداء» وهى تبحث فى طوابير محكمة الأسرة عن النفقة لتستعين بها على الحياة بعد الطلاق!!.. ولم يحن على «مصطفي» الأب الذى يرى ابنته تمسك بيد زوج أمها فى الشارع ولا يستطيع أن يقترب منها بسبب مشكلات الرؤية!!، وأيضا لم يعرف القانون أن هناك الكثير يحملن لقب مطلقة قبل بلوغهن 18 عاما ولديهن أطفال صغار.. ألم يعرف قانون سنة 1920 أيضا أن هناك 2٫5 مليون حكم بالضم والحضانة؟ فتعالت صرخات السيدات والأمهات والآباء والأجداد للمطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية، وخاصة «الرؤية» لما يشوبه من مشكلات أدت إلى ارتفاع نسبة القضايا المرفوعة للرؤية فى مصر، وارتفاع نسبة أطفال الشوارع نتيجة التفكك الأسري، بل أدت إلى عدم وصول الحقوق إلى أصحابها، أو وصولها منقوصة.
أحكام « الحضانة ».. حبر على ورق «بفضل أبص فى وشوش الولاد اللى من سنك يمكن أشوف ملامحك فى حد منهم وبحب اقرب منهم عشان اشوف بيعملوا ايه وبيفكروا ازاى فى المرحلة دى من عمرهم بحاول أفضل قريبة منك ومن سنك فى خيالي، اصل لما ابوك خدك منى ماسبليش حتى هدوم فيها من ريحتك تصبرنى على بعدك».. هكذا تكتب «مني» رسائل يومية لابنها «متولي» الذى لم تره منذ 11 عاما. متولى يبلغ من العمر اليوم 14 عاما حاربت الام المحرومة لرؤية ضناها طوال تلك المدة بكل طاقتها. استنفدت كل الوسائل، باعت ما تملك وهى تحاول تنفيذ حكم ضم الحضانة الذى حصلت عليه، وتحكى منى قصتها عندما عادت مع زوجها من الكويت، وعندما ذهبت لزيارة أهلها وعادت لبيتها وجدت زوجها غير مفتاح الباب وحمل طفله وعاد إلى الكويت.. حجزت منى لنفسها تذكرة وسافرت لتلحق بالولد لتكتشف أن الاب تزوج صديقتها وطلقها..وما بين الكويت ومصر سافرت آلاف الأميال رايح جاى لكنها لم تتوصل إلى مكان إقامة ولدها. رهنت حياتها بالكامل للبحث عن ابنها الغائب لكن ما يزيد من حزنها وخوفها أنه اصبح فى سن الرابعة عشرة يعنى يتبقى سنة واحدة ويخرج من سن الحضانة» وسيصبح الحكم بلا قيمة ..الاسوأ انه لن يتذكرها ولايعرف عنها شيئا وغالبا يكرهها او يعتقد انها ماتت.. لم يعد امامها الا ال «فيس بوك» دشنت منى صفحة بصورة لابنها وهو فى الثالثة من عمره بعنوان «محدش شاف ابني»، تكتب له رسائل يومية وتستغيث بأولاد الحلال فمن يعرف «متولي» يخبره ان أمه تحبه وتشتاق لرؤيته ولم تتركه يوما. لم تتزوج وتبدأ حياة جديدة او تؤسس عائلة ثانية رغم انها لم تتجاوز الاربعين بعد وتدمع عيناها وهى تقول «مستحيل اتهنى فى حياتى وافرح وابنى بعيد عني». كم تتشابه قصة منى مع آلاف القصص فالاحصائيات التقريبية تشير إلى صدور أكثر من مليونين ونصف المليون من احكام الضم والحضانة للأمهات لكن ما يتم تنفيذه فعليا لا توجد إحصائية دقيقة حوله.. قد تختلف الاسماء لكنها نفس القصة« طليقى خطف ابنتى ومنعنى من رؤيتها ومش عارفة انفذ الحكم اللى معايا» هكذا قالت «ناهد» وهى تتحدث عن ابنتها 8 سنوات ولم ترها منذ خمس سنوات. «فى كل مرة أصطحب المحضر وقوة تنفيذ الأحكام وأذهب إلى بيته لكنه «فص ملح وداب». ويشرح الاستاذ محسن السباعى محامى الاحوال الشخصية: لا يمكن اتهام أب باختطاف طفله لكن يعتبر احتجاز طفل او امتناع عن تنفيذ حكم عقوبته القانونية الحبس سنة أو غرامة 500جنيه فقط لا غير وليس العقوبتين معا وما يحدث أن الاب يدفع المبلغ الهزيل بل ويتوقف عن دفع النفقة للمرأة على اعتبار ان محضر الامتناع عن التنفيذ والغرامة التى دفعها دليل على ان الطفل ليس فى حضانتها وهو ما يجعله حلا اسهل لبعض الازواج للتهرب من دفع النفقة أو كسر عين طليقته. والمفارقة أن مبلغ الغرامة لم يتم تعديله منذ عام 1958 وحينها كانت ال 500 جنيه ثروة طائلة. بعد دفع الغرامة لا يصبح فى يد الأم اى سند او حيلة قانونية.. وأضاف أن بعض الامهات يصل بهن الامر إلى اختطاف الطفل بالمقابل من أبيه بأى طريقة حتى وإن وصل الامر لاستئجار بلطجية ويتحول الامر إلى حرب طاحنة يدفع ثمنها الطفل وفى النهاية لا تقدر عليها كل الامهات. هناك قصور تشريعى بالتأكيد، كما تقول نجلاء شابون مؤسسة مبادرة «اريد حلا» لمساعدة النساء فى الحصول على حقوقهن والمحرومات من أولادهن، نحتاج إلى تعديل جديد يشدد العقوبة على الممتنعين عن تنفيذ الاحكام ويرفع الغرامة إلى 50 ألف جنيه على الأقل. بعض الامهات يئسن من الحلول القانونية ولجأن إلى الاساليب الملتوية وتعرضن للابتزاز والمساومة ودفعن أموالا طائلة بلا جدوي. ما يحدث الآن أن هولاء الامهات يحاربن وحدهن بلا سند أو دعم ومتروكات لحالة من التواطؤ وعدم الاكتراث وضحايا لعملية تحايل من الآباء وتواطؤ من البعض رغم حصولهن على أحكام قانونية صريحة، لكن ما فائدة حكم لا ينفذ.