حتى عيد الحب (الفالنتين) لهذا العام أصابه ما أصاب بقية المناسبات والأعياد،فجاء مكتوما،بلا زخم ولا محتفلين اللهم إلا من بعض المشاهد المحدودة للمارة أو بأماكن العمل طل فيها اللون الأحمر على استحياء!. أتفق مع من لا يعترف بعيد العشاق والمغرومين،وأن أعيادنا الإسلامية والقبطية معروفة وهى الأصل،لكن منذ أن اقتحم هذا (الفالنتين) حياتنا وأصبح له مريدون،بات ضمن أجندة الاحتفالات وتجاوز كونه موعدا منتظرا للقاء الأحباء إلى مناسبة أسرية يعيد من خلالها الزوجان وبقية أفراد الأسرة شحن (بطاريات) الحب والمودة التى تنفد طاقتها بفعل ضغوط الحياة وقسوة الإبحار فى دروبها. الطقس السيئ كان بريئا من (المؤامرة) على (الفالنتين) هذا العام،فمنذ متى كانت العواصف وزخات الأمطار وأوحالها سدا أمام العشاق؟ فالتئام شمل الأسرة والقرب من الحبيب هما الوصفة الشافية لاتقاء قسوة الشتاء. وربما لن يكون (الفالنتين) أسعد حظا من أعيادنا الدينية كالأضحى والفطر،بعد أن تملكنا هوس رسائل التهنئة (المعلبة) تطوف بضغطة زرعلى أصدقائك فى نفس اللحظة،وقد يرد عليك صديق (مستنكرا) أنك ربما أرسلت إليه تهنئة عيد الحب بالخطأ ! لقد توحشت سلوكيات المصريين ويحلو للبعض ربط ذلك التحول بثورة 25 يناير،غاب ما عرف عنهم من قيم التسامح والعفو وتقبل الآخر، لتتصدر مشاعر العداء والكراهية منصات التعامل اليومي. التناقض والازدواجية، الشك والتوجس، والميل لتبرير الأخطاء بلا منطق،وتجاهل العلم فى التفكير،كلها بقع سوداء تكاد تخفى الثوب الأبيض الذى كان يميز الشخصية المصرية،وأصبحت سلوكياتنا التى تجنح للديكتاتورية فى الرأى والتشدد محط أنظار من حولنا من شعوب ودافعا لإخضاعنا لدراسات نفسية،وإلا بماذا تفسر هذا الشغف الرهيب لتقصى أخبار الفضائح وترديد الشائعات وقذف وتشويه الآخرين بالباطل؟ لم تعد توقفنا حرمة الدماء أمام انشغالنا بتفاصيل مملة لحياة يومية تصرخ بالمطالب،لهذا لم يكن مستغربا انشغال مسعفين بالتقاط صورة(سيلفي) مع حطام قطار بالإسكندرية،وتسابق البعض لالتقاط نفس الصورة مع مسئولين سابقين سبق إدانتهم بالفساد،واخترع بعض المطلقات حفلات الطلاق للاحتفال بالتخلص من الزوج النكدي،ولو كان المتنبى بيننا لتجددت كلماته كمدا: بأية حال عدت يا (فالنتين)! [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين