بعض أدباء النوبة من أصحاب الرؤية الأدبية الجريئة، وتوحى أعمالهم بالمواجع يتهمون النقاد بإهمال وإغفال إبداعهم الأدبى بسبب خصوصية الطرح وكم القهر والأنين الذى تظهره أعمالهم .. وفى هذا الصدد صدر لأديب نوبى شهير منذ فترة كتاب بعنوان ( أدباء نوبيون ونقاد عنصريون) والواقع مخالف لهذا الاتهام والعنوان الحاد، فقد تناول الأعمال الأدبية لأدباء النوبة كثير من النقاد, على رأسهم الدكتور جابر عصفور، والناقد الراحل رجاء النقاش - (صياد اللؤلؤ). كما تناولتها الكاتبة سناء البيسى - والناقد فاروق عبد القادر الذى تناول الأعمال الأدبية لأدباء النوبة خاصة أعمال حجاج أدول وأبرزه وصنفه كأهم أديب نوبي. ويبقى الدكتور جابر عصفور هو من يواصل بدأب ونشاط متابعة إبداعات أدباء النوبة. فقد قال عنهم: رواية الشمندورة لمحمد خليل قاسم كانت علامة الابتداء المتميز، تبعها إبداع آخر لكل من حجاج ادول ويحيى مختار وإدريس على وحسن نور وإبراهيم فهمي، وتناول إبداعهم منذ البدايات وغاص ناقد وشارحاً فى أعماق أدب إدريس على بداية من رواية (دنقلة)، وقال مستخدماً منهجه واتجاهه فى النقد: إن الرواية كانت صرخة احتجاج على الحياة فى النوبة الجديدة بعد التهجير وأثارت أصداء واسعة عند النشر وردود أفعال عنيفة لما أظهرته من خطاب مسكوت عنه حول أوضاع النوبة من ناحية وتوترات العلاقة بين أقصى جنوب الوادى وشماله من ناحية موازية. وأضاف د. عصفور: كان تميز الرواية ونجاحها فى اقتحام أفق جديد من الكتابة دافعاً على الاهتمام النقدى بها وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية وفوزها بجائزة (جامعة أركنساو) الأمريكية للترجمة، وتناول الناقد الكبير رواية (انفجار جمجمة) لنفس الأديب وقال: إن الرواية زادت من رصيد إدريس على بما استحقت به أن تحصل على أفضل رواية لعام 1999ضمن جوائز معرض القاهرة الدولى للكتاب.. وواصل الدكتور جابر عصفور تناول إبداع إدريس على وقال عن رواية (اللعب فوق جبال النوبة) إن الرواية تتميز بالبساطة السردية وتخلو من حدة الرفض النوبية التى بحثت لنفسها عن جذور هوية حضارية مغايرة. وعن الرؤية الموضوعية فى الرواية قال الناقد الكبير: إنها أوصلت إدريس على إلى شاطئ الأمان وأكدت أنه لا فارق بين الشمال وأهل الجنوب. والأديب الكبير حجاج أدول الذى وضع النقد والنقاد فى قفص الاتهام نال العديد من الجوائز الأدبية وهو يستحقها فقد حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1996عن مجموعته القصصية (ليالى المسك العتيقة)، والجهة المانحة للجائزة تضم كبار النقاد والمفكرين. وفى عام 2005 حصل على جائزة أدبية كبيرة من مؤسسة ثقافية أهلية عن رواية (معتوق الخير) وفى فرع شباب المبدعين لنفس الجائزة، وفى نفس العام حصل عليها أديب نوبى شاب هو ياسر عبد اللطيف عن رواية (قانون الوراثة). وعلى مر السنين حصل غالبية أدباء النوبة ومبدعيها على الجوائز والتقدير، ففى عام 1988حصل الأديب النوبى إبراهيم شعراوى على جائزة الدولة التشجيعية عن أدب وقصص الأطفال، وفى عام 1992حصل الأديب النوبى يحيى مختار على نفس الجائزة عن مجموعته القصصية ( عروس النيل). واهتمت الدولة متمثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب بإبداعات أدباء النوبة، وعلى سبيل المثال أصدرت الهيئة لإبراهيم شعراوى كتاب (الخرافة والأسطورة فى بلاد النوبة) وللأديب ابراهيم فهمى أصدرت عدداً من المجموعات القصصية، منها (القمر بوبا، بحر النيل، رمش الصبايا، العشق أوله القرى)، وللأديب حسن نور أصدرت روايات «بين النهر والجبل، دومات الشمال» ومجموعات قصصية بعنوان «خور رحمة عينان زرقاوان» وغيرهما، وللأديب إدريس على أصدرت روايات (دنقلة النوبي) وأصدرت الهيئة فى سلسلة المسرح مسرحية (ناس النهر ) للأديب حجاج أدول. وللهيئة العامة لقصور الثقافة دور فى نشر إبداع كتاب النوبة فقد أصدرت فى (سلسلة أصوات أدبية) مجموعة قصصية للأديب يحيى مختار بعنوان (كويلا). وهناك مؤسسات رسمية أسهمت فى نشر إبداع أدباء النوبة، فقد صدر عن روايات الهلال عمل لنفس الأديب (جبال الكحل) وتناولت مؤسسة الأهرام العريقة أعمال أدباء النوبة وأبرزت الحضارة النوبية، وأفردت الصفحات لكتاب النوبة للتعبيرعن ثقافتهم وهويتهم المميزة. والواقع أن أدباء النوبة لم يتجاهلهم النقاد بل أثنوا على إبداعهم ونعتوه بالمتميز وحصل أغلبهم على جوائز الدولة فى الأدب لتفوقهم وتميزهم ولدور النقاد والمؤسسات الثقافية فى إبراز أعمالهم.