وزير التعليم: استحداث 98 ألف فصل في العام الدراسي الحالي    وزير التموين: تكثيف ضخ بيض المائدة في المجمعات الاستهلاكية    مذكرة تفاهم بين «الإنمائي للأمم المتحدة» و«الأعمال المصري الياباني»    وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون.. وطوارئ في تل أبيب    صدمة لكولر| غياب ثنائي الأهلي عن نهائي السوبر أمام الزمالك بسبب الإصابة    آرسنال يستقبل شاختار بحثًا عن مواصلة الانتصارات بدوري الأبطال    تشكيل كلوب بروج المتوقع لمواجهة ميلان بدوري الأبطال    «الأرصاد» تنصح طلاب المدارس بارتداء ملابس خريفية    أسوان تحتفل مع السياح في حدث تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    بالحجاب.. «فيفي عبده» توجه رسالة مؤثرة لأهل غزة ولبنان    مشاركة 1250 طبيبًا في الجلسات العلمية لمؤتمر الصحة والسكان    تكليف إيهاب عبد الصادق بالعمل مديرًا عاماً للإدارة العامة لشئون التعليم والطلاب بجامعة القناة    الأونروا: سكان شمال غزة يعيشون في ظروف مروعة    ضبط 271 مخالفة خلال حملات تموينية مكبرة على المخابز والأسواق بالمنيا    أيمن الشريعي: الأهلي المنظومة الأنجح ولكن لا يوجد أنجح مني    إيران: جيراننا أكدوا عدم سماحهم استخدام أراضيهم وأجوائهم ضدنا    مصرع شخص وإصابة آخر إثر اصطدام دراجة بخارية بحوض مياه ري بالمنيا    هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة حساباتها؟    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    مشيرة خطاب: خطة عمل متكاملة عن الصحة الإنجابية بالتعاون مع منظمات دولية    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    وزير الأوقاف يلتقي رئيس إندونيسيا بقصر الرئاسة بجاكرتا - صور    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    مناقشات للتوعية بالحفاظ على البيئة وتواصل دوري المكتبات في ثقافة الغربية    حفل هاني شاكر في مهرجان الموسيقى العربية الليلة «كامل العدد»    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    وزيرا الشباب والرياضة والتعليم يبحثان التعاون في إطار مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    برلماني: إنشاء الميناء الجاف بالعاشر من رمضان نقلة نوعية في مجال النقل    فى اليوم العالمى له، اعرف ماهو التلعثم والتأتأة وأسباب إصابة الأطفال بهما    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    وزير التعليم للنواب: لا يوجد فصل الآن به أكثر من 50 طالبا على مستوى الجمهورية    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    رئيس الأركان يشهد تنفيذ التدريب المشترك «ميدوزا -13» | صور وفيديو    «الأزهر»: دورة مجانية لتعليم البرمجة وعلوم الروبوت للأطفال والشباب    حتى نوفمبر المقبل.. «العمل» تتيح التقديم ل5548 فرصة عمل في 11 محافظة (تفاصيل)    وزير الشئون النيابية يناقش التقرير الوطني لآلية المراجعة الدورية الشاملة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان    أخواتي رفضوا يعطوني ميراثي؟.. وأمين الفتوى يوجه رسالة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    إحالة مسجلين إلى الجنح لاتهامهم بسرقة شركة في المرج    سعر أسطوانة الغاز 380 جنيه وتباع ب150| وزير سابق يعلن مفاجأة للمواطنين (فيديو)    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    رواية الشوك والقَرنفل.. السنوار الروائي رسم المشهد الأخير من حياته قبل 20 عاما    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة..ومن الصعب مقارنة أي شخص بعامر حسين    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يقتلون الأطفال؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 01 - 2019

أن تمتد يدك بالأذى والضرب والتعذيب - أو بالقتل - لطفل.. فأنت، ودون أن تدرى، إنما تقتل المستقبل. طبعا.. أليس الطفل هو المستقبل؟ لكن يبدو أن هذه الحقيقة باتت غائبة عن الكثيرين منا حتى إنه لا تكاد تشرق علينا شمس يوم جديد إلا ونقرأ فيه أو نسمع أو نشاهد مذبحة للإيذاء. ولا يقتصر الأمر على فئة من المجتمع دون فئة بل امتد ليشمل أطفالا من كل الطبقات، وفى معظم مدننا والمحافظات.. وساعتها تغرورق عيناك بالدمع وتهتف فيك روحك: ما كل هذه الوحشية التى تفوقنا فيها على الحيوانات؟
اقرأ معى إن شئت عيّنة من العناوين السريعة لأخبار أوردتها صحفنا خلال اليومين الماضيين (والتى الكثير منها منقول من مقاطع مصورة صوتا وصورة على مواقع التواصل): زوجة الخال ذبحت مريم ذات السنوات الثلاث / الأقارب اغتصبوا ثم قتلوا الطفلة فاطمة / قتلت طفلها انتقاما من زوجها / تعتدى على ابنها حتى الموت لخروجه بلا إذن/ ضبط الأم التى أجبرت طفلها على التسلل من الشرفة فكاد يموت. هذا مجرد غيض من فيض.. يعنى قليلا من كثير. وعندما تقرأ سيجف لعابك، وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم تحوقل، ثم ينفجر فى رأسك السؤال المؤلم: لماذا كل هذا؟
صحيح.. لماذا استهداف الأطفال بهذا الشكل المتكرر وكأننا أمام ظاهرة؟ لا والأكثر إدهاشا أن المعذبين والمعتدين غالبا ما يكونون من أقرب الأقربين للطفل المسكين (بل ومن الأم أو الأب). عندئذ قد يعنّ لك التوجه بالسؤال إلى الراحل أمير الشعراء شوقى: يا أستاذ .. ألم تكن على حق حين قلت: فإذا رحمت فأنت أمٌ أو أبٌ.. هذان فى الدنيا هما الرحماء؟ فأين تلك الرحمة؟.. وماذا جرى ويجرى لنا بالضبط؟
السؤال عويص ويقتضى تدخل كل هيئات ووزارات المجتمع للإجابة.. ثم للبحث عن الحلول. ويجانبه الصواب من يحصر المشكلة فى المعالجة الأمنية وحدها، إذ من غير المعقول أن نوقف رجل أمن على كل أسرة ليراقب تصرفاتها مع صغارها. ولا شك أن لتلك الانتهاكات - التى تبلغ أحيانا حد التوحش- أسبابها المادية والمجتمعية والثقافية والنفسية بالأساس.. وعلى خبراء الاجتماع والاقتصاد والنفس أن يهرعوا فيعثرون لنا عن هذه الأسباب وتلك الحلول.. وإلا فالقادم لن يكون حلوا أبدا.
البعض يذهب إلى أن وراء ما يحدث لأطفالنا ذلك التفكك الأسرى الذى بات ظاهرة عند الأغنياء قبل الفقراء.. والذى يرجع بدوره إلى عوامل عديدة تتطلب بحثا متعمقا لمعالجتها. وهنا يكون السؤال: فأين جمعيات ومنظمات المجتمع المدنى ومجالس الطفولة والأمومة والمرأة التى نسمع منها كل ساعة كلاما فضفاضا يبلغ عنان السماء؟ وهل سنظل نكتفى بتصريحات صحفية وتليفزيونية لزوم المظهرة واستعراض أحدث موضات الأزياء والماكياج أم ستبدأ تلك المجالس تحركا جادا نرى نتائجه قريبا؟..أم أن ثمة اختلالات جذرية طرأت على الشخصية المصرية وتترك آثارها أول ما تترك على الأطفال الذين هم الحلقة الضعيفة التى لا تستطيع الدفاع عن نفسها؟ إذا كان ذلك كذلك فإن على المجتمع التحرك بسرعة من خلال برلمانه لوضع قوانين ناجزة رادعة تعاقب كل من تسول له نفسه إيذاء طفل.. حتى لو كان هذا الطفل من أبناء الفقراء المهمشين. إن القانون لا يستحق أن يحمل شرف هذه التسمية (القانون) ما لم يطبق لحماية الضعيف من القوى المتجبر (حتى لو كان هذا المتجبر أبا غبيا لا يعرف لأبنائه حقا ولا حصانة).
الحديث عن تفشى العنف، ليس فى مصر وحدها بل فى كل أرجاء الدنيا، لا يبرر أبدا الاستكانة إلى تلك الحقيقة فنترك أطفالنا يعذبون ويذبحون وتنتهك طفولتهم. نعم هناك عنف فى كل مظاهر الحياة، وفيما نشاهده فى أفلامنا ومسلسلاتنا وأفلام ومسلسلات الآخرين المنهالة فوق رءوسنا كالمطر الأسود. ولأننا لا يمكننا إيقاف عجلة العنف هذه، سواء عندنا أو عند الآخرين، فإن المطلوب بذل جهد أكبر لحماية الطفل من هذا العنف المنتشر. إنهم يوفرون تلك الحماية فى المجتمعات التى ليس بها دين فما بالنا نحن الذين لدينا ديانات تدعو إلى الرحمة والشفقة والتسامح؟ أليس المفروض أننا أرحم منهم؟. وربما يكون من النافع هنا التذكير بأن إعادة الهيبة للأب باتت أمرا مطلوبا. ومن مغلوط الفهم أن نربط الهيبة بالعنف، بل الصحيح هو العكس تماما.. إذ كلما زادت هيبة الأب زادت رحمته بأبنائه. إن الأب المهان المحتقر من مجتمعه ومن المحيطين به أشد خطرا على الأبناء من أب صارم حازم يعرف للأبوة معناها الحقيقى.. وهل تتحقق هيبة إلا فى إطار عام شامل يحفظ للأب ( أى للرجل) كرامته على كل المستويات؟ إن الرجل الحقيقى هو الذى سينجح فى تربية ابن ( أو ابنة) بشكل حقيقى فلا يكون مسخا من المسوخ كما نرى الآن!
كذلك فإن الاستكانة إلى الاعتقاد بأن الفقر هو وحده المسئول عن تحجر قلوب الآباء والأمهات، بل والمجتمع كله، إزاء الأطفال مسألة تحتاج إلى إعادة النظر. لقد تربى معظمنا على مر السنين فى ظل الفقر.. فهل كنا نسمع عن أم مزقت لحم ابنها بداعى الفقر؟ بالتأكيد إن معالجة الفقر أمر فى غاية الأهمية، وهاهى الحكومة تحاول فى حدود إمكاناتها بذل أقصى ما تستطيع.. إلا أن الاكتفاء برمى الكرة فى ملعب الفقر لن تقود إلى أى حل ومن ثم يجب بحث الظاهرة بشكل أعم وأشمل. يعنى ماذا يمكن أن نفعل بالضبط؟ لا مفر من تحرك مجتمعى شامل، يشمل التعليم والإعلام والقوانين والدعاة بالمساجد والوعاظ بالكنائس.. فالأمر جد وليس هزلا!.
لمزيد من مقالات ◀ سمير الشحات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.