اهتمت مؤسسة «الأهرام» برئاسة الأستاذ محمد حسنين هيكل، بتغطية أحداث الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب التى عقدت فى أرض المعارض بالجزيرة فى الفترة بين 22 -30 يناير 1969، وأصدرت ملحقًا كاملًا من ست صفحات يوم الافتتاح، رغم أن عدد صفحات الأهرام وقتها كان عشر صفحات فقط. وعلى الصفحة الأولى للملحق، نشر الأهرام أربعة موضوعات مهمة، أولها كلمة للدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة، بعنوان «يوم الكتاب العربى»، تحدث فيها عن دور القاهرة الثقافى والحضاري، ودور الكلمة المكتوبة فى مراحل النضال الوطني، وقال إن إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب حدث ثقافى مهم، يجب أن تتكاتف كل الجهود من أجل الاستفادة منه، خدمة للقارئ والقضايا العربية. أما الموضوع الثاني، فكان كلمة للدكتورة سَهير القلماوى، قالت فيها إن المعرض يعتبر حدثًا مهمًا لأنه أول معرض للكتاب يقام فى المنطقة، وهو يدل على أن رسالة الكتاب العربى تتطور مع تطور رسالة الكتاب فى العالم كله، حيث لم يعد الكتاب تسلية أو ترفًا، وإنما هو وسيلة فعالة لكل تقدم حضاري، يدل اتساعها على مدى قابلية الأمة وأملها فى أن تتقدم ركب الحضارة وتسهم فيه. وأعربت عن أملها فى أن يسفر المعرض عن وسائل تعاون بين الناشرين، وتبادل الخبرة بينهم، ووضع كثير من الأحلام موضع التنفيذ. وكان الموضوع الثالث بعنوان: «معرض القاهرة الدولى للكتاب لماذا؟» تحدث فيه إسلام شلبى المشرف على المعرض عن أسباب إطلاقه، فقال إن الهدف الأول هو خروج الكتاب العربى من الدائرة الخانقة التى يعيشها، وفتح سوق جديدة له على المستوى الدولي، ودعم حركة التأليف والترجمة. وأوضح أن إقامة المعرض تنطوى على دلالة خاصة، وهى أن العالم ينظر للقاهرة نظرة تقدير لما لها من تراث حضارى إنسانى قديم، ويتضح ذلك من الإقبال الكبير على المشاركة فى المعرض، الذى وصل إلى 500 دار نشر، وهو رقم لم تصل إليه معارض الكتاب العالمية فى دوراتها الأولي. وتحدث محمود عبد القادر حمزة مدير هيئة المعارض، فى الموضوع الرابع، عن ظروف إطلاق المعرض، فقال إن فكرة المعرض برزت فى عقب حرب يونيو 1967، عندما تقدمت د. سهير القلماوى بمذكرة إلى وزارة الاقتصاد تطلب فيها إقامة المعرض لتعريف الدول الأجنبية بالقضية العربية عن طريق الكلمة المكتوبة فوافق الوزير، وتم تشكيل لجنة عليا برئاسة القلماوى للإشراف على إقامة المعرض، ووضعت الخطوط العريضة للمشروع. أرقام الدورة الأولي 26 دولة ومليون كتاب، هى المحصلة النهائية للدورة الأولي، وهو ما نشره الأهرام فى الصفحة الأولى للملحق، واعتبره إنجازًا تاريخيًا، مقارنة بمعرض دولى كبير وهو معرض يوغوسلافيا الذى شاركت فيه 13 دولة فقط. وقد تم تخصيص الطابق العلوى من المعرض للدول العربية المشاركة، وهي: لبنان وسوريا والجزائر والكويت وتونس وليبيا، إضافة إلى مشاركة جامعة الدول العربية بمعروضات خاصة بها، بينما خُصص الطابق السفلى لأجنحة الدول الأجنبية وهي: الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتى وبولندا والهند وألمانيا الديمقراطية وبلغاريا والنمسا ويوغوسلافيا وإيطاليا وكوريا والمجر وإسبانيا وألمانيا الغربية ورومانيا وفرنسا والفاتيكان واليونان. وفى عدده الصادر يوم 27 يناير أكد الأهرام أن متوسط عدد زائرى المعرض بلغ سبعة آلاف زائر يوميًا، وأن المبيعات اليومية تصل إلى 12 ألف جنيه. قضايا مهمة واستغل الأهرام الحدث، فى نشر عروض كثيرة لدور النشر المشاركة فى المعرض، تعرض قائمة بأسماء الكتب وأسعارها، كما تطرق الملحق، إلى الكثير من القضايا المهمة المتعلقة بالكتب والثقافة بشكل عام، فنشرت مقالا للدكتور بطرس غالى عن الكتب الجامعية، وتقريرا عن الكتب فى الاتحاد السوفيتي، وكيف أنه يصدر 3٫5 مليون كتاب، أى ما يعادل ربع إنتاج العالم من الكتب. وكان من أهم ما نشره الأهرام، دراسة إحصائية حول الكتاب العربى فى السنوات السابقة على إقامة المعرض، أكد أن نسبة الكتب التى يصدرها القطاع العام قفزت من 26% سنة 1960 إلى أكثر من 50% عام 1966، كما ارتفع عدد الناشرين من 25 ناشرا إلى أكثر من مائتين، واحتل الأدب النسبة الأكبر من الكتب المطبوعة بنسبة 31%، ثم علم الاجتماع 27%، والتاريخ والجغرافيا 12%، والدين 11%، والعلوم 10%. كما نشرت تحقيقين آخرين، فى الصفحة السادسة بالملحق، الأول بعنوان «أطفالنا والكتب» كيف يمكن أن يصل الكتاب إلى كل طفل مبسطًا ورخيصًا«، والآخر بعنوان: «هل يمكن أن يدخل الكتاب ميزانية كل أسرة؟». جناح الأهرام بالمعرض لم يكتف الأهرام بالتغطية الإعلامية للمعرض فقط، بل كانت له مشاركة فعلية بجناح مميز، كان هو الأكبر من بين كل أجنحة دور النشر المصرية، وبلغت مساحته 600 متر، أعلن عنه فى صفحته الأولى يوم الافتتاح، ونشرت دعوة للقراء لزيارة جناح الأهرام، وأكدت أن الجناح يضم أحدث الكتب الأجنبية المتخصصة فى مختلف العلوم والفنون والآداب، وفى الصفحة الخامسة من الملحق، نشر الأهرام أسماء وعناوين الناشرين الأجانب المشاركين بجناح المؤسسة، وكان معظمهم من المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا والولاياتالمتحدةالأمريكية. وفى اليوم التالى للافتتاح نشرت الأهرام تقريرًا، على مساحة تقارب نصف الصفحة الأخيرة، عن افتتاح المعرض، تصدرته صورة كبيرة للدكتور ثروت عكاشة ود. سهير القلماوى وهما يتفقدان جناح الأهرام. مساندة الدول المشاركة دخلت الدول المشاركة فى تحدٍ مع الكيان الصهيوني، الذى أعلن وضع الناشرين الأجانب الذين أعلنوا مشاركتهم بالمعرض فى القائمة السوداء، ومنع ما يصدرونه من كتب ومؤلفات من التداول فى أسواقه، لذلك فلم يكن غريبًا أن تساندهم الأهرام بموضوعاتها، فنشرت تحقيقًا موسعًا عن مشاركة كوريا الديمقراطية الشعبية، ووصفتها بأنها مشاركة قوية بمجموعة ضخمة من الكتب التى تشكل زادًا قويًا للثوار المناضلين فى كل مكان، كذلك نشرت تحقيقا مماثلا عن المشاركة التونسية، وموضوعين أقل مساحة، لمشاركة بولندا وألمانيا الديمقراطية.