«محتاج سرير رعاية..حضانة» كلمات تتكرر مئات المرات يوميا داخل المستشفيات أو عن طريق الاتصال على الخط الساخن للخدمات الطارئة «137» التابع لوزارة الصحة من الأهالى فى محاولة لإنقاذ أبنائهم أو والديهم أو أحد من عائلتهم من الموت المحقق، فتوفير سرير رعاية باختلاف أنواعها «قلب ومخ وأعصاب وصدر..» أو حضانة لطفل مولود أضحى دربا من الخيال إن لم يكن من المستحيل أن تجدهما على الفور أو خلال ساعات. فالأمر ليس هينا، والبحث عنهما خاصة فى فصل الشتاء فى مستشفيات الحكومة التابعة لوزارة الصحة أو الجامعية التابعة للتعليم العالى يستغرق أياما، ساعتها يكون المريض أو المولود قد انتقل إلى الدار الآخرة، خاصة إذا لم يكن معه من المال حتى يستطيع أن يدخل أحد المستشفيات الخاصة، والبعض إذا جازف وقرر مضطرا - الدخول إلى المستشفى الخاص فإنه سيكون قد دفع «تحويشة العمر»، أو الاستدانة من الآخرين . وسط هذا الجو الضبابى فى ملف الصحة الشائك الذى أهمل أو تناسى جزءا كبيرا منه على مدى عقود طويلة، كانت بارقة الأمل للمصريين جميعا عندما قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى تبنى المبادرات التاريخية ل 100 مليون صحة لفحص أكباد المصريين والأمراض غير السارية، أملا للتخفيف عن آلام المواطنين، وتوفير الرعاية الطبية الجيدة لهم..والآن يطمع 100 مليون مصرى فى تبنى الرئيس لمبادرة جديدة وتاريخية أيضا لإنهاء طوابيرالانتظارلأسرة الرعاية والحضانات، وبمساعدة رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، والقضاء على كلمة «مفيش سرير رعاية أو حضانة» من القاموس نهائيا، فهل تفعلها الدولة قريبا؟ الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان قالت إن الوزارة قامت بالإعداد لمنظومة مهمة جدا للقضاء على قوائم الانتظار للرعاية المركزة والحضانات والطوارئ، موضحة أن هناك غرفة عمليات بالوزارة للانتهاء من هذه المنظومة الجديدة. فى المقابل يرى الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس نقابة الأطباء أن أزمة عدم توافر أسرة الرعاية المركزة والحضانات فى مصر ليست وليدة اللحظة، ولكنها منذ سنوات طويلة، وهناك عدد من المرضى يموتون نتيجة النقص فى الأسرة، التى تعتبر أشد من الحضانات، فلدينا نحو الثلث عجزا فى أسرة الرعاية على مستوى الجمهورية، ولها عدة أسباب منها قلة التمويل، فسرير الرعاية الواحد يتكلف تجهيزه نحو 4 ملايين جنيه تقريبا، بالإضافة إلى عدم وجود الأطباء والكوادر الطبية وأطقم التمريض المؤهلة فى هذا التخصص الدقيق، ناهيك عن نقص الإمكانيات المادية لتحفيز هؤلاء الأطباء للعمل فى تلك المهمة الشاقة التى تحتاج إلى مجهود عال، ، وبالتالى فالكثير منهم يهربون ويعزفون عن العمل فى هذه المهمة. وأضاف أن هناك بعض المستشفيات بها أقسام للرعاية، لكنها مغلقة لعدم وجود الأطقم المدربة للتعامل معها، وتكون النتيجة والرد واحد لا يوجد سرير ويعيش الأهالى فى معاناة وتعب لإيجاد سرير قبل فوات الأوان، بينما الأزمة فى الحضانات تقريبا تكون قد تحسنت خلال السنوات الأخيرة، وأطقم الأطباء والتمريض متوافرون فى هذا التخصص، لكنها تحتاج إلى توفير اعتمادات مالية للقضاء على فكرة الانتظار بها. وطالب عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور إيهاب الطاهر الدولة بالتدخل العاجل والفورى لحل هذه المشكلة والبدء من الآن، فالأمر سيحتاج إلى بضع سنوات حتى تنتهى من جذورها ، لكن المهم هو عملية البدء مثلما حدث فى قوائم الانتظار، فزيادة الاعتمادات المالية لوزارة الصحة والاهتمام بهذا الجانب ، وتحفيز الأطباء وتدريبهم، سيكون سببا فى نجاة الكثير من أسرنا ممن يتعرضون للموت نتيجة عدم وجود «سرير رعاية».