الرئيسان الراحلان ناصر والسادات بحضور محمد حسنين هيكل يستمعون للمهندس تيمور فى زيارة «الأهرام» فى نوفمبر 1969
حياة هذا الرجل خليط مدهش من الجهد والإنجازات والممكن والمستحيل.. بفورة الأمل وجرأة الإقدام، كان يؤمن دائما بأنه لاشىء فى حياته يستحق وصف المستحيل، لان هذه الكلمة ليس لها مكان إلا فى قواميس العاجزين، إنه المهندس محمد تيمور عبدالحسيب مدير عام مؤسسة الأهرام الأسبق الذى رحل عن عالمنا أمس. وإذا كانت الشهرة فى بلاط صاحبة الجلالة غالبا تكون من نصيب الصحفيين أو المصورين، فإن المهندس تيمور هو الوحيد الذى حظى بشهرة كبيرة فى العالم الصحفى، نظرا للدور الذى لعبه فى تطوير مطابع مؤسسة الاهرام على مدى اكثر من 45 عاما عمل بها، وكان يحلم فى بداية حياته أن يكون مصورا صحفيا، فهو مهندس اتصالات يعمل فى مصلحة التليفونات وذات يوم حدثت مشكلة فى إرسال إحدى الصور عبر التليفون من الأهرام، واتصل الراحل السيد ياسين بالتليفونات يستفسر عن السبب فقال له إن المشكلة فى الأهرام وليست فى التليفونات وذهب تيمور لإصلاح العيب وأثناء إصلاحه لأجهزة إرسال الصور لمس السيد ياسين فيه براعة فى مجال عمله، فطلب منه العمل فى الأهرام براتب شهرى قدره خمسون جنيها، ووافق تيمور على العمل كمهندس لصيانة ماكينات التصوير بالراديو والتليفون، وكان ذلك عام 1969، وبدأ المهندس الشاب عمله فى الأهرام، ولم ينس حلمه القديم بأن يكون مصورا صحفيا إلى أن نصحه الكاتب الكبير صلاح جلال قائلا: ياتيمور أنت مهندس ممتاز وأنت من الممكن أن تكون أهم مهندس فى الأهرام، ولكنك لن تكون أهم مصور فى الأهرام. واقتنع تيمور بتلك النصيحة وجعل تنفيذها هدفا له واستمر فى العمل بنجاح، وفى أثناء زيارة الرئيس جمال عبد الناصر للأهرام عام 1969 ومعه الأستاذ محمد حسنين هيكل، لمشاهدة ماكينات الطباعة، كان تيمور يقف بجانبهما فربت هيكل على كتفه وقال للرئيس هذا المهندس من زهرة شباب الأهرام. ولم يهتم تيمور ولم يشغل باله كثيرا بأى معوقات أو بتلال الإحباط التى كانت تعترض مسيرته التى يطمح إليها.. كان إصراره ودأبه أقوى بكثير، لذلك فقد نجح سريعا فى كسب ثقة رؤسائه بالقدر الذى أثبت فيه كفاءته المهنية والإدارية العالية، وهو ما أسهم فيما بعد فى اختياره مديرا عاما لمطابع الأهرام عام 1997، لينجح فى تطويرها والارتقاء بها للعالمية. ويعتبر كتاب «أساسيات المعلومات والحاسبات والانترنت للإعلاميين» من أهم مؤلفات الفقيد، ألفه بالاشتراك مع الدكتور محمود علم الدين أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ويتوجه الكتاب لطلاب ودارسى الصحافة والإعلام، بالإضافة إلى المتعاملين مع هذه الوسائل .