منذ 143 عاما و«الأهرام» تسجل وتدون.. تكتب تاريخ وطن وتشارك فى صنعه.. ومثلما كانت شاهدة على الأحداث كان أبناؤها أيضا شهودا على المهنة، فخلف كواليس الصحافة تقف كتيبة من المهن تتعاون وتتلاحم لتٌخرج فى النهاية منتجا «صٌنع فى الأهرام». عم صلاح سعد محمود «أسطى تغليف يدوى» واحد من أفراد تلك الكتيبة المميزين، قضى عمره 43 سنة فى مهنة الطباعة، بعضها ليتعلم وكثيرمنها ليعلم. احترفها فى عمر الثانية عشرة بعد أن جذبه إليها جاره فى الكيت كات، فحصل على الابتدائية وبدأ رحلته فى عالم المطابع، وفى عام 1980 انضم لكتيبة الأهرام بمطابعها التجارية بقليوب. تعلم عم صلاح طرق التغليف اليدوى جميعا، من بيروت إلى إفرنجى وعربى .. صحيح أن الزمن والتطور سمحا للآلات أن تنتشر وأن تتحدى جميع «الأسطوات»، ولكنه تحدى من بند واحد هو «السرعة». فهى تنتج مئات من القطع المتشابهة فى دقائق معدودة ولكن عم صلاح ينتصر عليها ويغلبها تماما فى «التفرد»... فكل قطعة تخرج من تحت يديه هى ذات شخصيه مستقلة، صنعت بدقة وفن .. صنعت خصيصا لصاحبها وكثيرا ما تصنع للتاريخ والذكرى. فالمجلدات الضخمة والفاخرة التى تضم فى ثناياها أرشيف الصحف والحياة، لا تصنعها الآلات ولايمكنها ذلك، فالأعداد لا تتشابه، تماما مثل أحداث الحياة، لذا كان واجبا أن تصنع يدويا. وهى عبارة دقيقة تماما فبالخوص وورق الكرافت والمانله والجلد الطبيعي، يصنع عم صلاح المطلوب من «الجلدة للجلدة» تساعده آلات بسيطة للنشر والتجليخ و التسليك والبطل الذى يربطهم جميعا بعد الخيط والإبرة، هو الغراء، الذى يغمس فيه عم صلاح مرات قليلة فرشاه ومرات كثيرة أنامله.. ولكن لماذا لا ترتدى قفازا يا عم صلاح أجاب:» مش هينفع خالص مش هيدينى الفن ولا الإحساس، أنا إيدى عارفة طريقها وبتقدر الحسابات».