إذا كان هناك قائم بالتدريس ومستقبل للدروس.. فعلينا أن نهتم ونعتني بكليهما.. فالمستقبل يجب أن يكون حاضر الذهن.. لا يعلوه الصدأ وليس به مسام أو ثقوب تحدث تسريبا لما يتم استقباله وكأن شيئا لم يكن وهذا هو حال كثير من التلاميذ في هذه الأيام والجميع يلوم المدرس والمادة العلمية ولا يفكر في سلامة جهاز الاستقبال ومدي استعداده للاستيعاب. فإذا رجعنا للوراء عندما كنا في المراحل الدراسية الأولي نجد الوجبة المدرسية المطهية المتوازنة التي تعدها المدرسة وتوزعها علي التلاميذ من أول العام الدراسي, وعندما حدث بعض القصور المادي تحولت الوجبة المطهية إلي وجبة جافة متكاملة العناصر وجيدة الإعداد وتحمل بين طياتها خاصية التنوع وتشبه ما يمكن إعداده في المنزل وقد تكون أفضل عند بعض الأسر.. فكانت تجذب التلاميذ إلي دوام الانتظام في المدرسة. فالتغذية السليمة هي بوابة العقل والجسم السليم.. وبالتالي تصلح من درجة الاستيعاب والتحصيل والتفكير بل الاختراع.. وكانت الرياضة في المدارس هي العامل المكمل لتمام الصحة الجسمية والنفسية, وقد أسهمت تلك الوجبة في تغيير العادات الغذائية السيئة لدي كثير من الأسر وتولد لدي التلميذ حب المدرسة واحترام المدرس. وفي الوقت نفسه كان هناك اهتمام بإعداد المدرس, حيث يأتي خريجو كليات التربية الجدد للتدريب علي طرق التدريس قبل التعيين تحت إشراف المدرسين الأوائل.. ولم تكن الدروس الخصوصية إلا لبعض التلاميذ الذين لديهم بعض القصور في التحصيل, وذلك عن طريق المجموعات الخاصة التي تقوم بها المدرسة والقلة النادرة في منازل المدرسين.. وليس منازل التلاميذ.. فطالب الخدمة يسعي إليها.. وكان المدرسون يمتنعون عن الدروس الخصوصية لتلاميذ المدرسة.. ولا بأس لتلاميذ مدرسة أخري خارج المنطقة حتي لا يحابي مدرس تلميذ الدرس الخصوصي. ولم تكن كلها دروس تلقين, بل كانت هناك الدروس العملية بمعامل المدرسة في مواد الفيزياء والكيمياء والأحياء.. وهناك جمعيات للخطابة والشعر والفنون المختلفة والقسم المخصوص في التربية البدنية الذي أفرز كثيرا من الأبطال الرياضيين. ومن هذه المنظومة المكتملة تخرج العلماء والأدباء وأهل الفن الذين نفتخر بهم داخليا أو هجرونا ويفتخر بهم العالم خارجيا. وما وصلنا إليه الآن انعكاس للوضع الاقتصادي الذي تدهور في السنين السابقة.. سنة بعد أخري والذي صاحبه انهيار أخلاقي. ولا يمكن أن أنسي فضل التربية الدينية في حصص الدين.. فهي منظومة متكاملة لإعداد التلميذ للمرحلة الجامعية التي في حاجة هي الأخري للتطوير. وأرجو ألا يبخل المسئولون علي الصرف في إعادة مجد التعليم والمدرس.. حيث إن كل ما يتم صرفه في هذا المجال هو استثمار لاستعادة حضارة مصر العريقة. د.محمد عمرو حسين - عميد معهد التغذية الأسبق