'لن نسمح بأن يعكر السلفيون صفو السلم في بلادنا, نحن مستعدون لاستخدام القوة ضدهم' كانت هذه تصريحات' هانز بيتر فريدريش' وزير الخارجية الالماني عقب مهاجمة بعض السلفيين لأفراد من الشرطة الألمانية. اثناء حمايتهم لمحتجين مناهضين للإسلام ينتمون إلي اليمين المتطرف في مدينة' بون' غرب البلاد, مما أسفر عن إصابة92 من عناصر الشرطة.. جاءت تلك التصريحات لتعبرعن قلق متزايد لدي الحكومات الغربية من ارتفاع أعداد وجرأة المجموعات السلفية في الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة, وربما يرجع ذلك أيضا الي تزايد نفوذ المجموعات السلفية في دول شمال إفريقيا و الوطن العربي مما يلقي بظلاله علي الأوضاع الداخلية في القارة العجوز. ولم تقتصر تصريحات فريدريش علي التهديد فقط, ولكن السلطات الألمانية بدأت بالفعل خلال الأسابيع الماضية في إجراءات عملية لمواجهة التطرف شملت عمليات دهم واسعه استهدفت المجموعات السلفية إثر اتهامها بنشر ثقافة التطرف, وحض المسلمين علي إبدال الدستور الألماني بالشريعة الإسلامية, كما أصدرت السلطات أمرا بحظر ثلاث منظمات كبري منها' ملة ابراهيم' في ولاية راين فستفاليا الشمالية, ومنظمة' الدين الحق' و' الدعوة فرانكفورت'. وربما كان هذا التطو وراء موجة النزوح التي بدأتها العناصر الإسلامية المتطرفة من ألمانيا إلي دول الشمال الافريقي ومن بينها مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية لتأسيس مقر لمنظمة' ملة إبراهيم' السلفية المحظورة بزعامة الواعظ النمساوي الجنسية المتشدد محمد محمود, الأمر الذي أثار مخاوف الجهات الأمنية في ألمانيا من أن تتمكن منظمات إرهابية مثل القاعدة من استغلال فراغ السلطة والأمن في دول الربيع العربي وبناء هياكل لها هناك, واستخدام مصر كنقطة عبور ومنها يلتحقون بمعسكرات تدريبية ويشاركون في ميلشيات مسلحة حتي يعودوا إلي ألمانيا مدربين.وبالرغم من الجرأة والقوة التي يظهرها ويتعامل بها السلفيون في المانيا, برغو أن عددهم لا يتجاوز الخمسة آلاف فقط من أصل أربعة ملايين مسلم, نجد أن بداية ظهورهم لم يكن منذ وقت بعيد,وتحديداعندما تحول الموقع الإلكتروني لمنظمة' الدين الحق' عام2005 إلي منبر نشط لترويج الخطاب السلفي, ولكن محاولاتهم لكسب أتباع جدد لم تعد تقتصر علي العالم الافتراضي في الانترنت فقط, فقد بدأوا مؤخرا في تنظيم مظاهرات في الشوارع من أجل ذلك. وفي الشهور الماضية, أطلقت منظمة' الدين الحق' التي يقودها الفلسطيني الاصل ابراهيم ابوناجي الذي يقيم في المانيا منذ ثلاثين عاما, حملتها الاستعراضية الواسعة تحت عنوان' اقرأ' لتوزيع25 مليون نسخة من القرآن الكريم مترجمة الي اللغة الالمانية مجانا علي المارة في المدن الالمانية, مما أثار الكثير من الجدل في الاوساط الحكومية والشعبية. ومن جانبها, لا تعترض الحكومة الالمانية علي طباعة وتوزيع الكتب الدينية سواء كانت إسلامية او غيرها, لكنها تشعر بقلق من الجهة التي تقف وراء تلك الحملة وهي' سلفية متشددة' ولا تتمتع بعلاقات جيدة مع المنظمات والجمعيات الاسلامية المعتدلة في المانيا كما أن الحكومة تخشي أيضا من موقف اليمين المتطرف او جهات مسيحية تري في هذه الحملة انتهاكا لهوية وثقافة المجتمع الالماني.. أما في فرنسا فالوضع ربما يكون اسوأ بكثير حيث واجهت اجهزة الامن صدمة قويه بعد وقوع عمليات القتل' الإرهابية' جنوب غرب البلاد, وخاصة تلك التي وقعت في مدينة تولوز وراح ضحيتها سبعة اشخاص, مما كسر' الجدار الأمني العازل' في نفوس الفرنسيين, حيث باتت باريس اليوم في مرمي هجمات التنظيمات الإسلامية المتطرفة بعد أن كانت علي مدار أكثر من15 عاما في منأي من الهجمات والتفجيرات الإرهابية.و كانت الصدمة الاكبر عندما اكتشف أن منفذ تلك الاعتداءات شاب يحمل الجنسية الفرنسية, وولد علي أرض الجمهورية العلمانية, وهو ما يطرح تساؤلات تتعلق بمدي قوة واختراق التنظيمات السلفية الجهادية للشباب الفرنسي.ومن المدهش أن نجد عدد السلفيين الفرنسيين يفوق بكثير العدد الموجود في المانيا حيث يبلغ ما بين12 الي15 الف شخص وفقا لتقديرات وزارة الداخلية الفرنسية. و تعاني إسبانيا أيضا من نفس المشكلة حيث نشرت صحفية' أنا تيراديوس' الإسبانية مؤخرا في الذكري الثامنة لتفجيرات مدريد تقريرا يؤكد إن اعداد السلفيين في إسبانيا في ازدياد مستمر. واوضح التقرير أن معظم منفذي الهجمات الإرهابية في البلاد كانوا من أصول مغربيه و ينتمون إلي الحركة السلفية الجهادية.