يسمع هانى ويتكلم بعينيه. لذلك كنت أسأله وأنظر إليهما لأعرف إجابته، لألمس هذا الشغف الذى يأخذ شكل بريق ثم يتحول إلى شكة إبرة. شىء ما، لا أعرفه، ندهنى فى جلسته، وهو ملتفُّ على نفسه أمام دكانه بشارع المعز.. أهو آية «ألا بذكر الله تطمئن القلوب» المعلقة بجوار رأسه، أهى تلك الرسومات التى تختصر العالم فى جمل يقوده صبى. لا أعرف، لكننى حين نكشت أعوامه ال 45 تأكدت أن انخراطه هو السبب.. الانخراط يدلنى على أؤلئك الذين يتركون أرواحهم فى كل عمل. تخرج هانى من آداب القاهرة وتزوج وأنجب ابنتين ، سافر إلى قارات كثيرة، كمشارك فى معارض «الخيامية» ، وكل خطوة كانت محطة فى المشوار. كل خطوة مقص مفتوح نهم للطريق .. لبكرة الخيط. وهو يدين بشغفه لوالده. قال لى ، بامتنان رجعى، « فى مهنتنا لازم تقعد ورجلك اليمين فوق ركبتك الشمال، لأن الوضع ده بيحافظ على ضهرك مفرود ويظبط المسافة بين الإبرة وبين عينيك». ثم أخبرنى كيف أن والده كان يربطه فى الكرسى كل يوم لمدة 6 شهور، حتى يعلمه الصبر. قالها بضحكة راحت تخرج راكضة من الأعماق فيما كنت أنظر،خلف رأسه، إلى قطعة قماش كتب عليها بيت الحلاج « وإن تمنيت شيئاً فأنت كل التمنى».