أثارت محاولات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تقديم تنازلات من أجل تهدئة احتجاجات حركة «السترات الصفراء» حالة من الجدل، خاصة أن تكلفة تحقيقها ستبلغ نحو 11 مليار دولار، وذلك فى الوقت الذى أعرب فيه عدد كبير من الفرنسيين رغبتهم فى استمرار المظاهرات. وكشف بنجامين جريفو المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فى تصريحات لشبكة «بي.إف. إم.تى في» عن أن الإجراءات المالية التى اتخذها ماكرون ستكلف الحكومة ما بين 9 و 11 مليار دولار، مشيرا إلى أن باريس ستلجأ إلى مدخرات ميزانية الدولة لتمويل هذه الإجراءات، وهو ما قد يؤدى إلى تجاوز العجز فى الميزانية نسبة ال3% التى يقرها الاتحاد الأوروبي. وذكرت شبكة «فرانس 24» أن أول ردود الفعل على الإجراءات التى أعلنها ماكرون فى محاولة لتهدئة الاحتجاجات التى تجتاح البلاد منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، أن وعود الرئيس قد استقبلت بتحفظ شديد من جانب محتجي«السترات الصفراء»، كما ظهر من مقابلات أجرتها معهم قنوات تليفزيونية، أو من ردود أفعالهم فى أماكن تجمهرهم فى مناطق عدة. وبينما رأى بعضهم فى وعود ماكرون «بوادر» حل، فقد اعتبروها «غير كافية» أو «غير كاملة» لإيقاف التحركات الاحتجاجية لحركة لا زعيم لها ومطالبها متنوعة ومتعددة. وبعد إنهاء ماكرون كلمته، أعلن العديد من المحتجين عزمهم الاستمرار فى قطع الطرقات وإقامة السواتر، ودعوا إلى «فصل خامس» من التعبئة السبت المقبل فى جميع أنحاء فرنسا، ليكون خامس سبت على التوالى يشهد تحركات على المستوى الوطنى منذ انطلاق الحركة فى 17 نوفمبر الماضي. وفى الوقت نفسه، شهدت عدة مدن فرنسية بينها مدينة نانت ومارسيليا بعض الإضرابات بسبب عمليات عنف ومحاولات إغلاق لأبواب المدارس، وعمليات كَر وفر بين الطلاب وقوات الأمن. ودعا اتحاد الطلاب فى فرنسا إلى تنظيم مسيرات حاشدة فى «الثلاثاء الأسود» تنطلق من المدارس الثانوية والجامعات للاحتجاج على عدم استجابة الحكومة لمطالبهم فى قطاع التعليم، التى تشمل التغييرات فى المدارس الثانوية والنظام الجامعي. وقال رئيس اتحاد المدارس الثانوية المستقلة والديمقراطية جول سبكتور «لم تبد الحكومة أى مبادرات تجاهنا ومن الواضح أنهم ينتظرون نهاية الفصل الدراسى لإخماد الحركة الاحتجاجية». وشملت الحركة الاحتجاجية 120 مدرسة ثانوية، كما حاصر الطلاب نحو 40 مدرسة. وعلى صعيد السترات الصفراء، شهدت بعض المحاور المرورية عمليات إغلاق لسير السيارات احتجاجا على كلمة ماكرون، مشيرين إلى أنه لم يأخذ فى الاعتبار بعض الشرائح كالأمهات المعيلة والمعوقين ومعدومى الدخل وغيرهم وتدعو الجماعات التى مازالت فى الشارع وأغلبهم من كبار السن إلى الاستمرار فى المظاهرات لحين النظر إلى مطالبهم. وفى غضون ذلك، يبدأ مجلس النواب مساءلة الحكومة عن مصادر الأموال التى سيتم توفيرها لتطبيق خطة ووعود ماكرون الجديدة. ومن المقرر أن يلقى رئيس الوزراء إدوار فيليب كلمة أمام مجلس النواب يفصل فيها الإجراءات التى كشف عنها الرئيس فى كلمته التليفزيونية إلى الأمة. وسيرسم فيليب أمام الجمعية الوطنية معالم التدابير الاجتماعية الرئيسية التى عددها الرئيس: زيادة الحد الأدنى للأجور ب100 يورو، وإعفاء المتقاعدين الذين تقل معاشاتهم التقاعدية عن ألفى يورو فى الشهر من الضريبة المعروفة ب«المساهمة الاجتماعية» التى تصب فى تمويل الضمان الاجتماعي، وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب. غير أنه ما زال يتحتم توضيح عناصر عديدة: تحديد المعنيين من التدابير، وتاريخ بدء تطبيقها وسبل تمويلها.