منذ بدء إرسال إذاعة البرنامج الثقافى فى منتصف الخمسينيات من القرن الماضى والتى كانت تسمى وقتها «البرنامج الثانى» وهى صامدة تتحدى ضعف الإمكانات، وهيمنة الفضائيات المرئية على اهتمامات المشاهدين، كنافذة يطل منها المثقفون على المشهد الثقافى العربى والعالمى طوال أكثر من 12 ساعة يوميا من خلال عدد كبير من البرامج الحوارية والدرامية ومتابعة الأحداث والمهرجانات التى تقام طوال العام، وتقوم فلسفة إدارة البرنامج الثقافى على ابتكار برامج جديدة والحفاظ على التراث الإذاعى القديم الذى يضم درراً نادرة من المسرحيات والبرامج، ورغم ذلك فإرسال تلك الإذاعة غير قوى وتستقبله القاهرة فقط دون غيرها من المحافظات وكأنها إذاعة محلية. محوران للتطوير فى البداية يقول محمد إسماعيل مدير عام البرنامج الثقافى: منذ تكليفى بتولى إدارة هذه الإذاعة قبل ثلاث سنوات اعتمدت خطة للنهوض بالعمل على محورين:الأول يهتم بتطوير الأداء البرامجى سواء من حيث إدخال برامج جديدة تعد إضافة حقيقية للخريطة الإذاعية يقدمها الأساتذة المتخصصون بأنفسهم مثل برنامج «تجربتى» ويستعرض من خلاله نخبة من المثقفين منهم د. عبد المنعم تليمة والإذاعى الشاعر الراحل فاروق شوشة والفنان محمود الحدينى - خلاصة تجاربهم الطويلة فى دنيا الثقافة والفكر والأدب، كما قدمنا للمرة الأولى برامج للموروث الشعبى مثل «موال من بلدنا» لتوثيق الفنون الشفهية بشكل أكاديمى ويقدمه الشاعر مسعود شومان، وبرنامج آخر بعنوان «كلام فى الفلسفة» يتناول أهم المدارس الفلسفية وأعلامها ويقدمه د.أنور مغيث، بجانب برنامج «آثار وأسرار» ويختص بتاريخ مصر فى عصر ما قبل الأسرات وما بعدها ويقدمه د.خالد سعد، ونعد حاليا لتقديم برامج لتوثيق تاريخ دولة الإسلام فى الأندلس حتى سقوط غرناطة وتزويدها بمقاطع درامية، وللأطفال نصيب من خريطتنا البرامجية تتمثل فى برنامج «حكاية المساء» يقدم نماذج من أدب الطفل ومناقشتها نقديا مع المهتمين بهذا المجال، وننظم مسابقة بعنوان «حكايات الأطفال» ونتلقى إبداعات من الفتيان والشباب بهدف تشجيع الأجيال الجديدة لارتياد ذلك المجال، وشروط المسابقة تنشر فى مجلة قطر الندى الصادرة عن هيئة قصور الثقافة ويمتد استقبال أعمالها حتى آخر يناير المقبل، كما وعدت بعض المؤسسات الثقافية برعاية الفائزين. والمحور الثانى - والكلام لا يزال لمحمد إسماعيل- يركز على الاهتمام بتقديم الدراما المسرحية القديمة وإتاحة الاستماع إليها عبر الموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام على الإنترنت وموقع خاص باليوتيوب بشكل قانونى، والإنتاج الدرامى الجديد قد تراجع لأسباب مادية وأصبح مقصورا على مسلسل واحد فقط يذاع فى رمضان، ولدينا أفكار لتجاوز الأزمة المالية، تتمثل فى التواصل مع مسارح الدولة للحصول على تسجيلات المسرحيات القديمة والجديدة، ونحتاج لموافقات من وزيرة الثقافة ومدير المسرح القومى. وعن تطوير سبل التعاون والشراكة مع الوسط الثقافى عامة يشير محمد إسماعيل إلى إقامة ما يعرف ب «منتدى البرنامج الثقافي» وهو عبارة عن إقامة ندوة شهرية تقام فى الأسبوع الأخير من كل شهر وتكرم أحد رموز الإبداع وتستضيفها قاعة سعد الدين وهبة التابعة لهيئة قصور الثقافة ويحضرها النقاد والجمهور ونسلمهم درعاً باسم المنتدى، وقد كرمنا الشاعر حسن طلب والراحل سيد حجاب والموسيقار عبدالوهاب جرانة والأديب عبد الوهاب الأسوانى، وبالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية نقيم صالونا بعنوان «مقاما» فى قصر بشتاك فى بيت الغناء العربى ويعنى بمناقشة قضايا الموسيقى والغناء، ويستضيف موسيقيين ومطربين وقد قام بتأبين الموسيقار الراحل ميشيل المصرى، بالإضافة إلى بروتوكول للتعاون مع المركز القومى للترجمة لتقديم أحدث إصداراته المترجمة إذاعيا، وكذلك منحها للفائزين بالمسابقات الثقافية التى ينظمها البرنامج الثقافى بجانب خمسين كتابا تمنحها هيئة قصور الثقافة لهم. من هنا نبدأ يكشف شريف عبد الوهاب، رئيس الشبكة الثقافية الموحدة، أن إذاعات الشبكة كانت تعمل فى جزر منعزلة تفتقد الربط فيما بينها، لذلك ابتكرت فكرة جديدة لعمل برنامج بعنوان «الدولة ضيف الشرف» لتربط بين الإذاعات الثلاث البرنامج الثقافى والموسيقى والأوروبى، الذى استضاف السفير الإيطالى فى حوار شامل معه، بينما بثت إذاعة البرنامج الموسيقى الموسيقى والأوبرات الإيطالية، وتولى البرنامج الثقافى عرض المسرحيات وبرامج عن الثقافة الإيطالية، على أن تنوه كل إذاعة عن شقيقتها. ولمقاومة الأفكار المتطرفة تستضيف إذاعة البرنامج الثقافى الكاتب والمفكر رجائى عطية ليقدم برنامج «تجديد الفكر» على مدار ثلاثين حلقة ويناقش تجديد الخطاب الدينى، وقصة حياة محفوظ عبد الرحمن فى حلقات بعنوان «جبرتى الدراما المصرية» قدمتها زوجته الفنانة سميرة عبد العزيز، وقدمنا حوارات لم تذع من قبل مع المفكر الإسلامى الراحل خالد محمد خالد قمت أنا بتسجيلها وتضمنت مواقفه الفكرية والسياسية، ولدينا فترة إذاعية مفتوحة وهى «أنس المجالس» تطرح قضايا أدبية وفنية مفتوحة على رجال الفكر والأدب وتتناول الهوية المصرية وتطوير التعليم وصدام الحضارات، وللشبكة الثقافية مندوب بدار الأوبرا يغطى أهم الحفلات والمهرجانات والمؤتمرات الثقافية والفنية على الهواء مباشرة. ويطرح شريف عبد الوهاب فكرة جديدة لتطوير العمل الإذاعى بالبرنامج الثقافى بأن تستضيف كل دورة إذاعية ومدتها ثلاثة أشهر أديباً أو موسيقاراً عالمياً بالتعاون مع البرنامج الأوروبى على أن يكون للشبكة الثقافية حق حصر التسجيل معهم، ويمكن أن تشاركنا مؤسسة ثقافية أو دار صحفية كبيرة، كما يقترح التعاون مع السفارات الأجنبية لتمويل تحويل المسرحيات العالمية إلى دراما إذاعية ونسخها على أسطوانات مدمجة وبيعها مع نسخة الترجمة الورقية بالتعاون مع المركز القومى للترجمة أو هيئة الكتاب كحل لمشكلة الإنتاج الدرامى. رحيق الكلمات وللمذيعين أيضا دور ملموس فى تقديم برامج متميزة ومنهم الشاعر هشام محمود الذى يقول أقدم برنامجاً حوارياً لمدة ساعة بعنوان «شعر وشعراء» كمحاولة لقراءة المشهد الشعرى المعاصر من خلال لقاءات مع النقاد حول الظواهر الشعرية الجديدة ولدى برنامج آخر بعنوان «كتابات جديدة» وهو عبارة عن مناقشة نقدية للأعمال الإبداعية سواء فى الشعر أو القصة أو الرواية بحضور المبدع وبعض النقاد. بجانب أنه يشارك فى تقديم برنامج «اسمع رواية» ويقدم نصوصا روائية كاملة لأهم الروائيين العرب والأجانب، وكتجربة جديدة يقدم الشاعر هشام محمود برنامجاً عنوانه «رحيق الكلمات» وفيه يقرأ الأعمال الكاملة لأشهر الشعراء العرب القدامى مثل ابن الفارض وعمر ابن أبى ربيعة وجميل بثينة وغيرهم، بجانب تقديمه الفترات المفتوحة، التى تنحو فى موضوعاتها نحوا آنيا، تبعا للأحداث الثقافية الراهنة. «لغويات» وللحفاظ على اللغة العربية يقدم الأحمدى الظواهرى برنامج «لغويات» ويصوب من خلاله الأخطاء الشائعة ويثرى ثقافة المستمع بالقواعد النحوية ومعانى الكلمات الصعبة والتعبيرات المعاصرة وآخر ما انتهى إليه مجمع اللغة العربية من قرارات لتقويم اللسان العربى، ويمثل برنامج «منمنمات تاريخية» نقلة نوعية فى البرامج الثقافية بما يقدمه من مواقف تاريخية نادرة عن أهم الشخصيات فى جميع المجالات باستخدام الوثائق التاريخية والكتب النادرة. وعن الثقافة القانونية يقدم فترة مفتوحة كل سبت يستضيف فيها أكثر من مستشار قانونى لإلقاء الضوء على القوانين الحديثة والمنشورة فى الجريدة الرسمية للتعريف بها وإلمام المستمع بما جاء فى هذا القانون من مواد تحمل ميزات وحقوقا، والتحذير أيضا من خطورة مخالفة القانون والعقوبات على هذه المخالفات.