بعد 18شهرا من المفاوضات الصعبة والمعقدة سياسيا وفنيا، أطلعت تيريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية أمس وزراء حكومتها لأول مرة على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، ودعتهم إلى تجاوز انقساماتهم والتصديق على مشروع الاتفاق الذى توصلت إليه حكومتها والاتحاد فى وقت متاخر أمس الأول.وتعتبر موافقة الحكومة البريطانية خطوة أولى ضرورية لإفساح المجال أمام إقامة قمة استثنائية مع القادة الأوروبيين للتصديق على الاتفاق، على أن يصدق عليه لاحقا البرلمان البريطانى قبل موعد البريكست المرتقب فى مارس المقبل. ويسود الغموض الموقف الذى سيعتمده الوزراء، خصوصا المشككون فى بقاء بريطانيا فى اتحاد تعريفة جمركية مع الاتحاد الأوروبى بدون سقف زمني، ومن بين هؤلاء دومينيك راب المكلف بشئون بريكست، وبينى موردونت وزيرة الدولة المكلفة للتنمية الدولية، وإستر ماكفى وزيرة العمل والمعاشات. أما فى البرلمان، فعبر مجموعة من نواب حزب المحافظين الحاكم عن سخطهم على الاتفاق، متهمين ماى ب«الخيانة» لعدم تنفيذها نتيجة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بينما لوح الحزب الديمقراطى الوحدوى الأيرلندي، الذى يدعم حكومة ماى التى لا تتمتع بأغلبية فى البرلمان، بالانسحاب من التحالف الحكومى مع ماى إذا ما تضمن الاتفاق فقرة تشير لبقاء أيرلندا الشمالية فى الاتحاد الجمركى الأوروبى دون سقف زمني. ووصف وزير الخارجية السابق بوريس جونسون الاتفاق بأنه «أسوأ» شيء يمكن أن تحصل عليه بريطانيا، و«غير مقبول إطلاقا»، داعيا البرلمان إلى رفضه. وقال جاكوب موج، العضو البارز فى حزب المحافظين والمؤيد للبريكست الخشن، إن الاتفاق يحول بريطانيا إلى «دولة تابعة، وبل وفى علاقة عبودية» مع الاتحاد الأوروبي، واصفا إياه ب«الخيانة». من ناحيته، قال العضو البارز فى حزب المحافظين آيان دنكان سميث إن «أيام ماى باتت معدودة» فى إشارة إلى أن الرافضين لخطتها للبريكست قد يطرحون طلبا بسحب الثقة منها من زعامة الحزب والحكومة. وبحسب التليفزيون الأيرلندى العام «آر.تي.آي»، ينص مشروع الاتفاق على إقامة «شبكة أمنية» من شأنها أن تمنع العودة إلى حدود مادية بين مقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية أيرلندا العضو فى الاتحاد الأوروبي، وذلك لعدم خرق اتفاق «الجمعة الطيبة». وأضاف التليفزيون أنه «سيكون هناك نوع من الترتيب الجمركى لكل من المملكة المتحدة مع إجراءات أكثر عمقا لأيرلندا الشمالية لجهة الجمارك والأنظمة».