متحدث الحكومة: محمد بن سلمان يزور مصر أكتوبر المقبل لتدشين المجلس التنسيقي بين البلدين    عمرو أديب: ترامب سيدخل تاريخ الأرقام القياسية كأكثر رئيس أمريكي تعرض لمحاولات اغتيال    برشلونة يمدد عقد أفضل لاعبة في العالم حتى 2028    بدلا من الحبس.. ماذا يعني قرار النيابة تشغيل 54 محكوما عليه خارج السجن؟    عمرو البسيوني وكيلا دائما لوزارة الثقافة.. وأمير نبيه مستشارًا للوزير    المشاط: الشراكات متعددة الأطراف عنصر أساسي للتغلب على كورونا وإعادة بناء الاستقرار الاقتصادي    مدرب شتوتجارت: مواجهة ريال مدريد فى أبطال أوروبا أكبر تحدى لنا    استمرار عمليات الإجلاء في وسط أوروبا بسبب العاصفة "بوريس"    إثيوبيا تغلق باب الحوار، تصريح مستفز لنظام آبى حمد حول سد النهضة    توقيع عقود الشراكة بين الأهلي و«سبشيال جروب» لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الطبي والرياضي    تعرف على فقرات حفل افتتاح بطولة العالم لكرة اليد للكراسى المتحركة    أول تعليق من فينيسيوس بعد تسلم جائزة أفضل لاعب في دوري الابطال    محافظ قنا يشهد فاعليات اختبارات الموسم الثالث لمشروع كابيتانو مصر    بالأسماء.. إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارة وموتوسيكل بالشيخ زايد    ما عقوبات جرائم خيانة الأمانة والاحتيال للاستيلاء على ثروات الغير؟    نجاد البرعي: مشروع قانون الإجراءات الجنائية كان يستحق مناقشات أكثر    فصائل عراقية تستهدف موقعا إسرائيليا في غور الأردن بالأراضي المحتلة    «الإفتاء«: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به مٌحرم شرعًا    سمير عمر وجون طلعت يعزيان الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي في وفاة والدته    سريع الانتشار.. 6 نصائح لتجنب الإصابة بمتحور كورونا الجديد «XEC»    سهرة شاذة وتعذيب حتى الموت.. أسرار مقتل مسن داخل كمبوند بحدائق أكتوبر    بالتواصل الفعال والحزم، قواعد تربية الأطفال بالحب    محافظ الدقهلية يفتتح تجديدات مدرسة عمر بن عبدالعزيز بالمنصورة بتكلفة 2.5 مليون جنيه    شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والرحم والمصير المشترك    وحدة الرسالة الإلهية.. شيخ الأزهر يؤكد عدم جواز المفاضلة بين الأنبياء    «المياه بدأت توصل السد العالي».. عباس شراقى يكشف آخر تفاصيل الملء الخامس لسد النهضة (فيديو)    وزير الري: ما حدث بمدينة درنة الليبية درسًا قاسيًا لتأثير التغيرات المناخية    ترتيب الدوري السعودي الإلكتروني للسيدات للعبة ببجي موبايل    صلاة الخسوف.. موعدها وحكمها وكيفية أدائها كما ورد في السنة النبوية    تقي من السكري- 7 فواكه تناولها يوميًا    زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين- طبيب يوضح السبب    نجاة طلاب أكاديمية الشرطة من الموت في حادث تصادم بالشيخ زايد    كاف: قرعة أمم أفريقيا للكرة الشاطئية الخميس المقبل    سقط من أعلى عقار.. التصريح بدفن جثة طفل لقي مصرعه بمدينة نصر    أبرز مجازر الاحتلال في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر    إلغاء رد جهات الولاية من شهادة البيانات وإتاحة التصالح على الجراجات وقيود الارتفاع    مواعيد القطارات المكيفة القاهرة والإسكندرية .. اليوم الاثنين    مروان يونس ل "الفجر الفني": مفيش طرف معين بإيده يخلي الجوازة تبقى توكسيك    توقيع الكشف الطبي على 1200 مواطن خلال قافلة طبية مجانية بالبحيرة    3 مساعدين شباب لوزيرة التضامن    حزب الله يعلن مقتل أحد عناصره جراء الغارة الإسرائيلية على بلدة حولا جنوبي لبنان    لافروف ل"القاهرة الإخبارية": نثمن جهود مصر لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    "مش هنسيب حقوقنا".. تحرك عاجل من المصري ضد حسام حسن    أحد الحضور يقاطع كلمة السيسي خلال احتفالية المولد النبوى (فيديو)    رئيس جهاز شئون البيئة: وضع استراتيجية متكاملة لإدارة جودة الهواء فى مصر    النيابة العامة تفعل نصوص قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية المتعلقة ببدائل عقوبة الحبس البسيط    رئيس جامعة المنيا يترأس الجمعية العمومية لصندوق التأمين على أعضاء هيئة التدريس    كيف يغير بيان مدريد موازين القوى.. جهود الحكومة المصرية في حشد الدعم الدولي لحل النزاع الفلسطيني    مؤتمر صحفى لمهرجان الموسيقى العربية 32 بالأوبرا الأربعاء المقبل    وزير التعليم العالي: حصول «معهد الإلكترونيات» على شهادتي الأيزو يعزز مكانة مصر    «بيوت الحارة» قصة قصيرة للكاتب محمد كسبه    المشدد 10 سنوات لصاحب مطعم هتك عرض طفلة بكفر شكر    الأوبرا تحتفى ب«جمال سلامة» ليلة كاملة العدد ل«ملك الألحان»    التعليم العالي: اهتمام متزايد بتنفيذ الأنشطة الطلابية على مستوى المعاهد العليا والمتوسطة    كشف وعلاج بالمجان ل1127 مريضًا في قافلة طبية مركز الفشن ببني سويف    إصابة 3 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل ببنى سويف    موعد عرض الحلقة الثالثة من مسلسل «برغم القانون» لإيمان العاصي    «مفرقش معايا».. شريف إكرامي: بيراميدز عاقبني بسبب الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجوم المنيا الآثم والتفسير الخاطئ للدين
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 11 - 2018

فى مصر هجوم آثم غادر على إخوتنا الأقباط على الطريق إلى دير الأنبا صموئيل بالمنيا، وفى باكستان مظاهرات وفتاوى اغتيال وعنف بعد تبرئة المواطنة المسيحية آسيا بيبى التى حكم عليها بالإعدام بموجب قانون التجديف الأحادى الجانب الذى يسهل توظيفه لابتزاز واضطهاد المختلفين فى العقيدة. الواقعة فى باكستان كان من الممكن أن تمر بدون هذا الصخب، فهى مجرد مشادة بين مسيحية وجاراتها المسلمات، قادت لدفاع كل طرف عن معتقده عندما زُج بالدين فى الحوار، لكن فى بلادنا لا تمر تلك القصص دون تصعيد وتحشيد جماهيرى وتعطيل للمصالح وإثارة للشغب والفوضى.
ما الذى حشر مجتمعاتنا داخل تلك المتاهة، فى حين تزدهر المجتمعات الغربية المنهمكة فى الاكتشافات الحديثة وعلوم الفلك والهندسة والطب والفضاء الخارجى بعد أن عالجوا ملف الدين والمذهب ووضعوه فى موضعه وصاروا يعرفون كيف يتعاطون بشأنه، فى المقابل تجد غالبية شعوبنا تملأ الشوارع فى مظاهرات زاعقة وصدامات لا تنتهى، يطلقون الشعارات ويثيرون الصخب ويحولون جدالًا بين جارتين إلى حرب أهلية ويثيرون الفتن الطائفية ويقتلون المسيحيين فى أثناء صلاتهم أو وهم ذاهبون للصلاة، وبالطبع تتصدر هذا المشهد وتقوده جماعات ما يعرف بتيار الإسلام السياسى المتشددة، وهذا واقع حالنا منذ مطلع القرن.
يربط بين الإرهابيين والمتطرفين فى مصر والإرهابيين والمتطرفين فى باكستان خيط منهجى واحد، وتحركهم فكرة خبيثة مستحدثة أُلصقت بالدين، اخترعها رجل واحد وحظيت بمن يرعاها وينمقها وينشرها وينفق عليها المليارات. أصل هذه المعضلة شخص يُدعى أبو الأعلى المودودى الذى اخترع تفسيرًا جديدًا للدين الإسلامى ونشره على نطاق واسع بمساعدة البعض من رفاقه داخل الجماعة التى أسسها، وانطلاقًا من الهند راجت فى باكستان ثم حظيت بعناية سيد قطب القيادى الإخوانى المصرى الذى زخرف هذا التفسير المحرف بعبارات بلاغية معتمدًا على مقدرته البيانية لينشره فى البلاد العربية على أرضية كان قد مهد لها وحرثها قبلهما حسن البنا.
اختراع المودودى كان قد دحضه وأوضح ما به من تحريف فى قلب بلد المنشأ العلامة الهندى القدير مولانا وحيد الدين خان، والذى ألف كتبًا غاية فى العمق والأصالة ومنها دراسات فائقة الروعة ردًا على اختراعات المودودى، لكن لم يحظ فكر وحيد الدين خان بجماعات تنصره وتنشره، ولا بأقلام تزين زيفه بعبارات بلاغية كما فعل سيد قطب مع أفكار المودودى، ولذا غلب على المسلمين والعرب الشغب والصخب وإثارة الفوضى وتسييس الدين وتحويل جزئياته إلى كليات وفروعه إلى أصول والمتغيرات إلى ثوابت، ومكث المسلمون على هذا الحال عقودًا فلا يزالون يخرجون فى مظاهرات حاشدة رافعين أيديهم وفاتحين أفواههم فى الشوارع، فيمَ العالم من حولنا يسبقنا بخمسمائة عام إلى المستقبل. كشف المفكر الإسلامى وحيد الدين خان فى كتابه التفسير الخاطئ الذى صدر فى ستينيات القرن الماضى انحرافات منهج المودودى الذى حاول مرارًا إحباط عزيمة خان حتى لا يفضح تحريفه للإسلام لأهداف سياسية، وملخص تلك المآخذ أن المودودى فسر الدين تفسيرًا سياسيًا وضّخم شأن السياسة فصار كل شيء متعلقا بالإسلام يُرى بمنظارها. منح المودودى السياسة المقام الرئيسى فى الدين الإسلامى وأظهر الدين سياسيًا فصار الدين تابعًا للسياسة وصارت هى الهدف الذى أرسل من أجله الرسل فقد قال المودودى إن الغاية المنشودة من رسالة أنبياء الله عليهم السلام فى هذه الدنيا أن يقيموا فيها الحكومة الإسلامية.
وربط بين الدين الإسلامى والحكومة بزعم أن السلطة فى الشريعة معناها أن يستسلم الناس أمام قوة جبارة قاهرة ويذعنوا لها وهى الحكومة وهذا هو معنى الدين أيضًا، زاعمًا بأن العبادات كالصلاة وغيرها لا تقبل بمجرد أدائها كما فى الديانات الأخرى إنما هى وسيلة إعداد لإقامة الحكومة الإلهية.
يرد مولانا وحيد الدين خان على تحريفات المودودى تلك فى كتابه التفسير الخاطئ، ومن ضمن ما أورده توضيحه لخطأ استدلال المودودى على مزاعمه بقول الله تعالى من سورة الشورى : «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه...» بعدما زعم المودودى أن هذه الآية دالة على أن المراد بالدين هو الأحكام والقوانين الشرعية التى تتعلق بالأمور الفردية والجماعية المحلية والدولية، ومعنى إقامة الدين أى تنفيذ أحكامه وقوانينه، ومن المعلوم أنه لا يمكن إقامة الدين عند المودودى إلا بالحكومة فمعنى أن أقيموا الدين أى أقيموا الحكومة. يجزم وحيد الدين خان بأن هذا التفسير المخترع لم يقل به أحد من المفسرين وجميع علماء الإسلام منذ الصحابة وحتى العصر الحديث لأن المراد بالدين فى الآية هو أصل الدين أو التعاليم الدينية الأساسية وليس كل الدين ولا يعنون بإقامة الدين تنفيذ النظام الشرعى بين الناس بل المراد التمسك بذلك الجزء من الدين المطلوب من كل فرد فى كل حين ولا يكون المسلم مسلمًا إلا به إذا طبقه فى حياته أو كما جاء فى مدارك التنزيل, سائر ما يكون المسلم بإقامته مسلمًا. ينصرف الأمر بإقامة الدين إلى الدين الذى نزل على جميع الأنبياء من نوح إلى محمد عليهم جميعا السلام، ولكن التعاليم التى نزلت على الأنبياء لم تكن واحدة بل المتفق عليه بين الأنبياء هو العقائد والأصول الأساسية، بينما الشرائع المفصلة والأحكام العملية كانت مختلفة بينهم، فالمراد بالدين ذلك الجزء الذى كان مشتركًا بين الجميع كما قال الإمام الرازى فى التفسير الكبير. تفسير خاطئ للدين نشره وينشره أدعياء أصحاب أهواء هو ما أوصل مجتمعاتنا لهذا الحال، وحان الأوان أن نوقفهم ونرعى وننشر التفسير الصحيح، وإلا ظللنا على وضعنا لألف سنة أخرى قادمة نزعق فى الشوارع ويقتل بعضنا بعضًا فيمَ الأمم حولنا تتقدم وتصنع أمجادها.
لمزيد من مقالات هشام النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.