يصادف عام 2018 الذكرى السنوية الخامسة لانطلاق مبادرة «الحزام والطريق». خلال السنوات الخمس الماضية، بلغ حجم التجارة السلعية بين الصين والدول الواقعة على طول «الحزام والطريق» أكثر من خمسة تريليونات دولار أمريكي، وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه البلدان أكثر من 70 مليار دولار أمريكي. وفي ظل تزايد الحمائية التجارية في العالم، تعكس مبادرة «الحزام والطريق» دور الصين كدولة كبيرة ومسؤولة. لقد تجاوزت إنجازات مبادرة «الحزام والطريق» التي حققتها الصين على مدى السنوات الخمس الماضية التوقعات بكثير، مما جعلها موضع جدل ساخن في العالم. على الرغم من أن الصين هي التي طرحت أولا بناء «الحزام والطريق»، فإن مختلف دول العالم، وليس الصين فقط، تستفيد من الفرص والإنجازات التي تتحقق ضمن هذه المبادرة. تعكس مبادرة «الحزام والطريق»، المسؤولية التي تضطلع بها الصين وأهميتها على المستوى الدولي وقيمتها في العصر الحديث. أولا، ما زال الاقتصاد العالمي يرزح تحت وطأة النمو البطيء، إلا أن مبادرة «الحزام والطريق» قادرة على دفع «ثورة إنتاجية جديدة» في دول آسيا وأوروبا وأفريقيا وتعزيز تنمية الاقتصاد العالمي من أجل مواجهة الوضع الاقتصادي العالمي الحالي. في الوقت الراهن، يبدو من الصعب تشكيل هيكل النمو الاقتصادي الجديد على المدى القصير، فالعالم يمر بمرحلة بطء انتعاش الاقتصاد العالمي ونقص القوة المحركة لنمو الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى كون الإصلاح والتحديث في مجالات التكنولوجيا والتصنيع لا يزال في بداياته، وعدم كفاية الابتكار في مجالات التكنولوجيا الرئيسية والأشكال التجارية. في ظل تزامن اتجاهات العولمة والعولمة المضادة، يعكف العديد من الدول على الممارسات الحمائية في سعيها من أجل دفع انتعاش اقتصاداتها، مما يؤدي إلى احتكاكات تجارية. فشلت العولمة السابقة في تحقيق التنمية الكاملة والمتوازنة والشاملة، مما أدى إلى اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء وتغير الطبقات الاجتماعية. العديد من البلدان الواقعة على طول «الحزام والطريق»، والتي تجاهلتها وأهملتها الدول المتقدمة والشركات المتعددة الجنسيات، تعتبر مبادرة «الحزام والطريق» أفضل فرصة للتخلص من الفقر وتحقيق التنمية من خلال الاستفادة من مشروعات البنية التحتية والاستثمارات الصناعية التي توفرها هذه المبادرة. ستدفع مبادرة «الحزام والطريق» التكامل والتنمية المشتركة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وتعزز تحديث البنية التحتية العالمية وتقدم أساسا لبناء الاقتصاد العالمي المستدام. ثانيا، الحوكمة العالمية تواجهها العديد من المعضلات. يمكن لمبادرة «الحزام والطريق» أن تكون مشروعا مقبولا تقدمه الصين من أجل تحسين الحوكمة العالمية. حاليا، ينبغي إيجاد حلول عاجلة للعديد من القضايا العالمية، مثل انتكاس العولمة الاقتصادية وتخلخل التعاون الإقليمي ومسألة تغير المناخ والهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب. تحولت المشكلات الداخلية لبعض الدول إلى قضايا دولية، ويصعب على الآليات الدولية القائمة حاليا معالجتها الآن، مما يجعل إصلاح النظام الدولي مهمة صعبة التحقيق. على الرغم من الدور الهام الذي لعبته مجموعة العشرين في مكافحة الأزمة المالية العالمية، فإن ذلك على الأغلب لا يتعدى كونه إجراء مناسبا لمواجهة الأزمة المالية، حيث لا توجد هناك خطة واضحة للقيام بدمج آلية مجموعة العشرين مع الآليات الدولية من أجل زيادة فعاليتها. علاوة على ذلك، لا بد من معالجة قضايا الحوكمة العالمية والإقليمية كتلك التي تخص آليات التفاوض بشأن أسعار الصرف الدولية وآليات مراقبة تدفق رؤوس الأموال الدولية والمشتقات المالية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه قواعد التجارة المتعددة الأطراف. من خلال إطلاقها لمبادرة «الحزام والطريق»، تظهر الصين مسؤوليتها بالمساهمة في تعزيز العولمة الجديدة ودفع العولمة الجديدة في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ من أجل تعزيز التجارة الحرة والحفاظ على النظام الدولي. الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم ودولة رائدة في تصدير السلع الصناعية وأكبر شريك تجاري لأكثر من مائة وعشرين دولة ومنطقة في العالم، تقدم قوة محركة جديدة للعولمة الجديدة وتساهم في تحسين الحوكمة العالمية عن طريق مبادرة «الحزام والطريق». ثالثا، تدفع مبادرة «الحزام والطريق»، التي تعكس سياسة الانفتاح التي تنتهجها الصين، التنمية المنسقة بين مختلف الأقاليم والبلدان. تختلف المبادرة عن مناطق التجارة الحرة التقليدية والاتحادات الجمركية وغيرها من آليات التعاون، من حيث أنها تتسم بالشمول والانفتاح وتهتم بربط الآليات الدولية بإستراتيجيات التنمية للبلدان المختلفة بشكل مرن. الصين لا تفرض شروطا مسبقة على الدول الأخرى ولا تسعى إلى تحقيق مكاسب أنانية، بل تؤكد على تنوع وتكامل التعاون بين الدول المختلفة وضمان مصالح جميع الأطراف ومشاركتها في المبادرة. بالمقابل، يسعى برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ومنظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية وبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية ومنظمة الطيران المدني الدولية والمنظمة البحرية الدولية ومنظمة الصحة العالمية إلى البحث عن أهداف مشتركة مع مبادرة «الحزام والطريق»، كما قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتبني رؤية «الحزام والطريق» في العديد من القرارات وبرامج التنمية المعنية. كذلك، قام منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي ومنظمة شانغهاي للتعاون ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) والاتحاد الأوروبي بالعمل على ربط خططها واستثماراتها بمبادرة «الحزام والطريق». علاوة على ذلك، تربط الكثير من الدول، مثل كازاخستان ومنغوليا وفيتنام وإندونيسيا وتركيا، خطط التنمية لديها بمبادرة «الحزام والطريق». تتساوى جميع الدول المشاركة في مبادرة «الحزام والطريق» في الحقوق والمنافع في إطار المبادرة، التي تهدف إلى بناء جسر للتعاون الاقتصادي بين مختلف الأقاليم والبلدان في مجالات مختلفة لتعزيز التنمية وتحقيق الفوز المشترك عن طريق التعاون والتبادل. إن الممارسات على مدى السنوات الخمس الماضية تثبت أن مبادرة «الحزام والطريق» ليست «إستراتيجية جيو- سياسية» كما يدعي بعض مراكز الفكر الغربية، كما أن الهدف منها ليس توسيع «مجال النفوذ الصيني» أو تعميم «النموذج الصيني»، بل تعمل الصين من خلال هذه المبادرة على تعزيز تنمية الاقتصاد العالمي بشكل مستدام إلى أعلى المستويات من خلال تجربتها وممارساتها.