يظل الكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر حلما يداعب خيال الجميع علي مر العصور من خبراء الآثار المصريين، وبعثات الاستكشاف الأجنبية والمغامرين، ولذلك تطاير خبر العثور علي تابوت من الجرانيت علي شبكات ووكالات الأنباء العالمية باحتمال اكتشاف قبر الإسكندر الأكبر برغم أنه علي عمق خمسة أمتار فقط وليست عليه أى نقوش تؤكد أنه من الملوك أو الأباطرة، وإنما يحوي ثلاثة هياكل عظمية، ويتوقع الخبراء مبدئيا أنه تابوت لأحد الأغنياء قد يكون من العصور القديمة من البطالمة أو اليونان أو الرومان . ولا غرابة في اكتشاف تابوت هنا أو أطلال قديمة هناك فالإسكندرية الجميلة أسسها الإسكندر الأكبر واستقر بها وبدأ منها غزواته، وتوفي في العراق عام 323 ق.م عن عمر يناهز اثنين وثلاثين عاما، ولكنه دفن في الإسكندرية وزاره كل ملوك البطالمة وأباطرة الرومان تقديرا له، ولكن لم يستدل علي مقبرته حتي الآن برغم المحاولات المستميتة من الكثيرين سواء المتخصصون أو بعض المغامرين . ولأن الإسكندرية بلدي الثاني وبها معظم أصدقائي فقد عاصرت الفترة التي تردد فيها اسم «ستيلو» في الإسكندرية، وكان يعمل جرسونا بمقهي إمبريال بمحطة الرمل وأطلقوا عليه «مجنون الإسكندر» لمحاولته المحمومة البحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، وتوسطت له جمهورية قبرص لدي السلطات المصرية، واعتمد علي خريطة رومانية قديمة تقول إن قبر الإسكندر أسفل مسجد النبي دانيال، وأعطوه ترخيصا بالحفر في تقاطع شارع النبي دانيال مع شارع فؤاد وامتداده طريق الحرية الآن، ولم يتوصل إلي قبر الإسكندر، ولكن من خلال عملية الحفر تم اكتشاف أنفاق ومبان متصلة ببعضها من العصر الروماني، وقد رأيتها فعلا حينئذ قبل أن يغلقوا المكان، وانفق «ستيلو» تحويشة عمره بلا جدوي، ولكنه سافر إلي بلده وجمع أموالا أخري، وعاد لاستكمال البحث ولكن لم يوفق وترك مصر يائسا . وتخفي الإسكندرية تحت أرضها أسرارا كثيرة فرعونية وبطلمية ويونانية ورومانية، بل وتحت الماء في الميناء الشرقى تحوي متحفا كبيرا للآثار، وأتذكر ونحن طلبة في الجامعة، أننا كنا نسلك طريقا مختصرا بامتداد شارع صفية زغلول علي ربوة ترابية في كوم الدكّة، ثم فوجئنا ذات يوم بكردون أمني يمنعنا من المرور، ويشير إلينا أن نسلك شارع النبي دانيال، ثم علمنا بعد ذلك أن بعثة بولندية في أثناء بحثها عن مقبرة الإسكندر، عثرت بمحض الصدفة علي أول سلالم المسرح الروماني أو المدرج الروماني الذي أصبح فيما بعد مزارا سياحيا رائعا، ومع تتابع الجهود البحثية نأمل أن يعثر خبراؤنا علي مقبرة الإسكندر الأكبر الحقيقية لتكون إضافة جديدة لكنوزنا السياحية . د. مصطفي شرف الدين