يقول الله تعالى فى محكم تنزيله فى سورة العلق: (واسجد واقترب) ويقول جل شأنه فى سورة الإسراء: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته) لقد أثنى الله تعالى على أوليائه وأحبابه بأنهم يتسارعون فى أسباب التقرب إلى الله تعالي، ويتنافسون فى ذلك يرجون ربهم بصالح أعمالهم واجتهادهم فى عبادته للتقرب إليه سبحانه وتعالى، فكلما اشتد قرب العبد من خالقه سبحانه اشتد إقباله عليه. وقد بين سبحانه أنه يبادل عبده قرباً بقرب أعظم وأسمي، فقد ورد فى الحديث القدسى الذى أخرجه الإمام البخارى فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: يقول الله تعالي: أنا عند ظن عبدى بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسي، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم، وإن تقرَّب إليَّ شبرا تقرَّبتُ إليه ذراعاً وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتانى يمشى أتيته هرولة. والباع كما فى المعجم: مسافة ما بين الكفين إذا انبسطتِ الذراعان يميناً وشمالاً. يقول الشيخ الإمام عبد الله سراج الدين: إن الله تعالى يحب من عبده أن يتقرب إليه، لِيقرِّبه الله سبحانه ويُشَرِّفَه بقربه جلَّ وعلا، وهذا القرب هو أعظم الفضل وأكرم الفخر، وقد قال سبحانه عن عباده السابقين فى سورة الواقعة: (والسابقون السابقون أولئك المقربون ) لقد مدحهم الحق سبحانه بالقرب، ومن المعلوم أن الحب يكون على مقدار القرب، فمن كان أقرب إلى الله تعالى فهو أَحَبُّ إليه، وإن أقرب المقربين وأَحَبَّ المحبوبين إلى رب العالمين، هو إمام الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى قال معلناً بمقام المحبة كما أورد الإمام الدارمى فى سننه: ألا وأنا حبيب الله، ولا فخر. فهو حبيب الله الأكرم المقدم على كل حبيب، كما أن منزلته فى القرب هى فوق كل مقرَّب، يشهد له بذلك تقدمه على جميع الأنبياء والمرسلين إماماً بهم وخطيباً لهم، ويشهد بذلك ما خصه الله تعالى به من المقام المحمود، والشفاعة العظمي، ومقام الوسيلة التى هى أعلى منزلة فى الجنة، ولا ينبعى أن تكون إلا لواحد، فقد أورد الإمام مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأرجو أن أكون أنا هو .