كتب:أحمد علي للحوار اهمية عظيمة حثت عليها السنة النبوية, فهو وسيلة للتفاهم بين الناس علي أن يكون الحوار حرا لا حدود تقف في طريقه إلا حدود الشرع, فإن الأخذ بآداب الحوار يجعل له قيمة علمية وانعدامه يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين. لذلك بعض الحوارات تنتهي قبل أن تبدأ نتيجة عدم إلتزام المتحاورين بأدب الحوار. يقول الدكتور مصطفي مراد أستاذ بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر... إن أدب الحوار أدب جليل راعته السنة النبوية وبينت قواعده واوضحت صوره وعلمت الناس أجمعين أي كان دينهم أو جنسهم أو لغتهم, وذلك لأن الإسلام جاء ليعايش لا يقاطع الناس, حيث قال الله تعالي( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا), وقد ذكر القرآن حوارات متعددة بين الأنبياء والمعادين من أقوامهم وأشهر تلك الحوارات حوار سيدنا موسي عليه السلام مع فرعون, ليعلمنا القرآن كيف كان أدب الأنبياء في الحوار حتي مع أعداء الدين, ونلاحظ هذا المعني في حديث النبي صلي الله عليه وسلم في حديث أبي أمامه عندما جاءه شاب في أن يأذن له بالزنا فقال له النبي صلي الله عليه وسلم في غاية الأدب واللطف أترضاه لامك قال لا فقال له هكذا الناس لا ترضاه لامهاتهم, فقال له أترضاه لاختك قال لا فقال له هكذا الناس لا ترضاه لاخواتهم, فقال له أترضاه لابنتك قال لا فقال له هكذا الناس لاترضاه لبناتهم, ثم وضع صلي الله عليه وسلم يده عليه وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه, فلم يكن بعد ذلك الشاب يلتفت إلي شيء, فما أجمل حلم النبي صلي الله عليه وسلم وما أجمل حسن تعليمه لصاحبته فلم يشدد عليه ولم يعنفه بل كلمه بالدليل العقلي الذي لا يختلف عليه أحد وبالدليل الفطري الذي تلاحظه النفوس وتعمل به البيئات الصالحة, وفي مشهد آخر عنه صلي الله عليه وسلم عندما أكمل أستعداده لفتح مكة بعث حاطب بن أبي بلتعه رسالة إلي كفار قريش يخبرهم بموعد سير رسول الله صلي الله عليه وسلم إليهم, فلما أطلعه الله علي ما فعل حاطب فإذا بالنبي صلي الله عليه وسلم يقول له ما حملك علي ماصنعت قال, حاطب والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله, ولم أفعله آرتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام, وما فعلت ذلك كفرا وما غيرت ولا بدلت, لكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله, فقال عمر بن الخطاب دعني يارسول أضرب عنق هذا المنافق فقال له النبي صلي الله عليه وسلم إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع علي من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم, وهنا يعلمنا النبي صلي الله عليه وسلم التماس الأعذار للمخالفين وعدم تتبع عثرات الكرام وإنزال الناس منازلهم دون بينة قاطعة وحجة ساطعة.