جريمة الاعتداء الغاشم علي قوات الحدود المصرية لا يتحمل مسئوليتها جماعة الإخوان المسلمين, ولا حماس, ولا جماعة الجهاد الإسلامي, ولا غيرهم من جماعات الإسلام السياسي التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة السياسية المصرية والعربية. من يتحمل مسئولية هذا العمل الغادر هم نوعية إجرامية من نوعيات الإسلام السياسي يعرفها المتخصصون باسم' السلفية الجهادية' وهي تلك التي اعتقدت بكفر المجتمعات والدول العربية والإسلامية لأنها من وجهة نظرها لا تطبق شرع الله; وهي تري في جماعات الإسلام السياسي الأخري سواء كانت الوسطية أو المحافظة التي تقبل التعامل مع الواقع السياسي القانوني والدستوري أنها جماعات مهادنة تستحق الرفض والقتل إذا لزم الأمر. ولم يكن النسف الخامس عشرة لأنابيب الغاز إلا رسالة للرئيس د. محمد مرسي أن وصول الإخوان المسلمين إلي رئاسة الدولة لا تعني أن أمرا قد تغير من سياساتها الرامية إلي السيطرة علي سيناء واستخدامها كنقطة انطلاق ضد أهداف مصرية وعربية وإسرائيلية حسب الأحوال. وربما لن يكن سرا علي أحد أنني لم أشعر بأي نوع من المفاجأة بما جري عند نقطة الماسورة لأن الهجوم كان مجرد نقطة علي منحني متصاعد يعكس حالة' التمكين' التي وصلت إليها الجماعات السلفية الجهادية التي وصلت طلائعها إلي سيناء في ظل النظام السابق ولم يتعامل معها لا بحكمة ولا مهارة. وعندما نشبت ثورة يناير أصبح الواقع مثاليا, فتهريب السلاح من ليبيا والسودان والصومال لم يعد يجد ما يعوقه بعد انهيار الشرطة المصرية; ولم يعد أحد في الوادي علي استعداد للنظر فيما يجري من تدريب في غزة, ولا حتي يتابع العمليات العسكرية التي جرت ضد أقسام البوليس المصرية, ولا النقط العسكرية المصرية, ولسبب أو لآخر لم تعد كلمة' الإرهاب' تستخدم في القاموس السياسي الثوري المصري باعتبارها من كلمات النظام البائد, و'الفزاعات' التي لا ينبغي التعامل معها حتي ولو كانت جماعات الإرهاب تتمركز وتتوغل في جبل' الحلال', وتقوم بأعمال إرهابية أسبوعية في منطقة وسط وشمال سيناء. المدهش في الموضوع كله أن جماعة الإخوان المسلمين, والصحافة والقنوات التلفزيونية المعبرة عنها, والتي لم تضع الحوادث السابقة علي رأس اهتماماتها, إذا بها فجأة تحاول وضع الواقعة علي رأس إما النظام القديم, أو إسرائيل, أو قوي جهنمية أخري ليس من بينها لا تنظيم القاعدة, ولا تنظيمات السلفية الجهادية, رغم أن هذه التنظيمات تمثل واحدة من أهم التحديات العنيفة للإخوان المسلمين كما جري من قبل في الجزائر وأفغانستان. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد