أدلى الناخبون فى ماليزيا أمس بأصواتهم فى الانتخابات التشريعية التى تعد الأشرس فى تاريخ التجربة الديمقراطية للبلاد حيث يواجه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نجيب عبد الرزاق منافسة قوية من مرشح تحالف المعارضة رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد. وترجح المؤشرات المبدئية أن تنتهى الانتخابات بفوز تحالف الجبهة الوطنية الذى يمثله عبد الرزاق، والذى تولى حكم البلاد على مدار أكثر من ستة عقود، وإن كان من المتوقع أن يأتى فوز»الجبهة الوطنية»بفارق ضئيل يؤمن له الوفاء بشرط تحقيق «الأغلبية البسيطة» والذى يقره القانون الانتخابى فى ماليزيا كشرط لضمان الفوز. ووفقا لمفوضية الانتخابات الماليزية، فإن اقتراع الأمس شهد إقبالا نسبيا بمشاركة ما يزيد على 47٪ من الناخبين المقدر عددهم وفقا للسجلات الرسمية حوالى 15 مليون ناخب، فى حين أشارت تقارير إعلامية فى الوقت نفسه إلى أن معدلات الإقبال متواضعة إذا ما تمت مقارنتها بنسبة المشاركة فى الدورة الانتخابية السابقة لعام 2013 والتى سجلت 59٪. وفى تصريحات له أثناء الإدلاء بصوته، أكد عبد الرزاق ثقته بالفوز، رغم ما أشار إليه من تعرضه لهجمات شرسة خلال الحملة الانتخابية، وذلك على حد تعبيره. وتشكل هذه الدورة الانتخابية تحد جاد بالنسبة لعبد الرزاق رغم سنوات الحكم الطويلة لتحالف الجبهة الوطنية بسبب التراجع الشديد فى شعبيته إثر تفجر فضيحة فساد كبرى ترتبط بمزاعم حول تحويل جانب من أموال الصندوق السيادى الذى أسسه عبد الرازق عند توليه الحكم عام 2009 إلى حساباته الخاصة. ويضاف إلى ذلك تنامى الغضب الشعبى من جراء تراجع مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار. وساهمت هذه التطورات فى تراجع الدعم التقليدى الذى يقدمه مواطنى عرق «المالاي» المسلم، والذى يشكل 60٪ من إجمالى تعداد سكان ماليزيا المقدر بحوالى 32 مليون، لتحالف الجبهة الوطنية. وزادت شراسة التحديات التى تواجه عبد الرازق إثر عودة الزعيم الماليزى المخضرم مهاتير محمد -92 عاما - إلى العمل السياسى وتزعمه المعارضة فى محاولة لإقصاء الجبهة الوطنية، استنادا على تحول الدعم فى أوساط كتلة «المالاي». والتزم مهاتير محمد خلال الحملة الانتخابية بوصف عبد الرزاق، الذى يعد من تلاميذه ب «الوحش». وكان السياسى المخضرم قد استبق اقتراع الأمس بالتأكيد خلال تصريحات تليفزيونية على أن الانتخابات ستشهد عمليات «غش» غير مسبوقة، مشيرا إلى أنه حتى قيادات التحالف الحاكم تشعر بالإستياء إزاء مجريات الأوضاع. وأكد مهاتير فى الوقت ذاته قدرة المعارضة على الفوز. ومن جانبه، حاول عبد الرازق للمرة الأخيرة وقبل بدء الاقتراع جذب الناخبين بالتأكيد على تعهده بإعفاء ضريبى للمواطنين الذين تقل أعمارهم عن 26 عاما فى حالة فوزه. وكان أنور إبراهيم زعيم المعارضة المحبوس حاليا، والذى شغل سابقا منصب نائب رئيس الوزراء قبل أن يقيله مهاتير محمد، قد حث الناخبين على التصويت لصالح لمهاتير والذى يشكل معه حاليا تحالفا سياسيا.