نحتفل، نحن المصريون، يوم 25 إبريل من كل عام، بعيد تحرير سيناء الحبيبة، والتي تم استردادها بعد حرب ضروس مع العدو عام 1982، أي بعد 9 سنوات من نصر أكتوبر العظيم 1973، والتي انتصرنا فيها بفضل الله على إسرائيل.. وهذا العام يوافق الذكرى ال36 لتحرير كل شبر من أرض الأنبياء المُقدسة. وأصل الحكاية.. أن مصرَ بدأت بخطواتها العسكرية لتحرير سيناء بعد أيام معدودة من نكسة يونيو عام 1967، وقبل أن تندلع شرارة حرب أكتوبر بأكثر من ست سنوات، شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وبدأت المواجهة على الجبهة بدءاً من سبتمبر 1968 وحتى السادس من أكتوبر 1973 بيننا وبين إسرائيل، حيث انطلقت قواتنا المصرية معلنةً بدء العبور، وهي الحرب التي خاضتها مصر في مواجهة إسرائيل مقتحمةً قناة السويس وخط بارليف.. وكان من أهم نتائجها استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975. وأسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمي والمحلي، من بينها تغيير المعايير العسكرية في العالم شرقاً وغرباً، وتغيير الاستراتيجيات العسكرية في العالم، وعودة الثقة للمقاتل المصري والعربي بنفسه وقيادته وعدالة قضيته، ولا يُمكن أن نغفل حالة الوحدة بين العرب والتي تمثلت في تعاون جميع الدول العربية مع مصر، مما جعل من العرب قوة دولية، لها ثقلها ووزنها، في مواجهة إسرائيل. ومن نتائج الحرب أنها مهدت الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، والذي عُقد في سبتمبر 1978 إثرَ مبادرة الزعيم الراحل أنور السادات، في نوفمبر 1977 وزيارته التاريخية للقدس. وبعد حرب أكتوبر وقَّعَت مصر وإسرائيل معاهدة السلام، اقتناعاً منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، ونصت المعاهدة على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة، وأيضاً المدنيين، من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، بحيث تستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء. ومن أهم نتائج معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، أنها أدت إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبة جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية كاملة على كل شبر منها، وقد تم تحديد جدول زمني للانسحاب المرحلي من سيناء كما يلي: - في 26 مايو 1979: رُفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام. - في 26 يوليو 1979: تم انسحاب إسرائيل من سيناء على (مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع) من أبو زنيمة حتى أبو خربة. - في 19 نوفمبر 1979: تم تسليم وثيقة تولى محافظة جنوبسيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام. - في 19 نوفمبر 1979: انسحبت إسرائيل من سانت كاترين ووادي الطور، واعتبر ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوبسيناء. ويأتي يوم 25 إبريل1982، والذي تم رفع العلم المصري فيه على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبسيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، بعد احتلال دام 15 عاماً، وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً (والتي غنَّت لها الفنانة الراحلة شادية مصر اليوم في عيد) في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء. إلا أن الجزء الأخير من سيناء، تبَّقَى ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء، حيث استغرق تحرير هذه البقعة الغالية من أرضنا، سبع سنوات من معركة دبلوماسية مصرية مكثفة الجرعة. أثناء الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982، تفجَّر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أننا لن نتنازل ولن نفرّط في أرض طابا، وأي خلاف بين الحدود يجب أن يُحَّل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، والتي تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم وقد كان الموقف المصري شديد الوضوح، وهو اللجوء إلى التحكيم، بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولاً بالتوفيق. وفي 13 يناير 1986، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى"مشارطة تحكيم" وقعت في 11 سبتمبر 1986، والتي تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف. من قلبي: الحمد لله وبفضله سيناء رجعت كاملة لنا يوم 19 مارس 1989، حين رفع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا المصرية، مُعلناً نداء السلام من فوق أرض طابا. من كل قلبي: تحية كبيرة لجيش بلادي وجنوده الأبطال البواسل، فلولا دماءهم التي تخضّبَت بها رمال سيناء لما استرددناها كاملة اليوم.. اليوم نقول لكم أنتم في أمان وسلام شهداءنا الأبطال الذين رحلوا عنَّا.. فدماءكم طاهرة وغالية، وأما الجنود الذين مازالوا يقدمون أرواحهم فداءً لكل شبر من أرض مصر الحبيبة.. فننحني لكم شكراً وعرفاناً.. رحم الله من رحل وحفظ الله منكم من هو بيننا.. ولا أراكم الله سوءاً. [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن; ريهام مازن;