حلاوة رئيسًا للجنة الصناعة والتجارة بمجلس الشيوخ    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    نقيب الأشراف يهنئ الرئيس والجيش بذكرى أكتوبر: ستظل علامة بارزة في تاريخ القوات المسلحة    ماراثون رياضي بجامعة عين شمس احتفالًا بالعام الدراسي الجديد    تراجع مفاجئ في أسعار الذهب اليوم الخميس 3-10-2024.. خسائر بعيار 21    تحالف مصرفي من ثمانية بنوك يمنح تمويلا مشتركا لصالح شركة بالم للتنمية العمرانية إحدي شركات بالم هيلز بقيمة 10.3 مليار جنيه مصري لتمويل مشروعها بمدينة أكتوبر الجديدة    تعرف على تطور الشراكة الإستراتيجية بين مصر والإمارات بقيادة السيسي وبن زايد    رئيس اقتصادية قناة السويس يلتقي اتحاد أصحاب الأعمال الفرنسي لبحث سبل التعاون    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات المياه والصرف الصحي بدمياط    محافظ القليوبية يقود مسيرة نيلية احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    محافظ كفر الشيخ يتابع سير العمل بالمركز التكنولوجي ومنظومة التصالح بالرياض    41 ألفا و788 شهيدا ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة منذ «7 أكتوبر»    «القاهرة الإخبارية»: جوتيريش يقف حائلاً أمام إعطاء إسرائيل خاتم الشرعية لجرائمها    روسيا: 3 قتلى وعشرات الجرحى جراء هجوم أوكراني على بيلجورود    سفير مصر بالدوحة يبحث مع وزير الدولة للشئون الخارجية القطرى العلاقات الثنائية    رقم سلبي تاريخي لأندية إسبانيا في دوري أبطال أوروبا    عاجل.. إيقاف نجم بيراميدز 6 أشهر بسبب الأهلي.. عقوبات صادمة    "سيؤثر على الفريق".. تن هاج يعلن غياب ماسون ماونت عن موقع بورتو في الدوري الأوروبي    مجهول الهوية.. طلب التحريات حول العثور على جثة طافية بنهر النيل في أبو النمرس    استعجال تقرير المعمل الكيميائي حول ضبط مواد مخدرة بحوزة 7 عناصر إجرامية بالجيزة    موعد امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2024 - 2025    نحاس ودهب وعُملات قديمة.. ضبط 5 متهمين في واقعة سرقة ورشة معادن بالقاهرة    فيلم عنب يصدم آيتن عامر بسبب إيراداته.. كم حقق في 24 ساعة؟    في أول أيامه.. إقبال كبير على برنامج «مصر جميلة» لرعاية الموهوبين    معرض الرياض الدولي للكتاب يناقش دور الصورة في حفظ التراث الثقافي وأهمية الصور التاريخية    لطفي لبيب يكشف عن قيمة أجره في فيلم «السفارة في العمارة»    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    الصحة: تشغيل جراحات القلب في مستشفى الزقازيق وإجراء أول قلب مفتوح بطامية المركزي    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    رئيس "الطب الوقائي": اشتراطات وإجراءات صارمة لمراقبة تطعيمات الأطفال    14محضرا تموينيا بساحل سليم وإزالة تعديات الباعة الجائلين بأبوتيج فى أسيوط    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    المنيا: ضبط 124 مخالفة تموينية خلال حملة على المخابز والأسواق بملوي    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    اليوم العالمي للمعلم| الإحصاء: معلم لكل 27 تلميذًا للعام الدراسي 2023/2024    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    طلاب جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية ينتظمون في الدراسة خلال الأسبوع الأول    ضبط عاملة استولت على 750ألف جنيه من ضحاياها بزعم استثمارها فى التجارة بسوهاج    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    بالأسماء.. نتيجة انتخابات مركز شباب برج البرلس بكفر الشيخ    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة عالم مفتت ومتصدع

الآلة اللغوية والنظرية والمفاهيمية والإصطلاحية التى تمتلكها المدارس الفلسفية والفكرية والسوسيولوجية والسياسية وفى العلاقات الدولية تبدو غير قادرة على منحنا بعضا، من دقة الوصف وتحليل ما يحدث من وقائع وظواهر وأزمات اجتماعية وسياسية وتقنية ولغوية، أحد مظاهر عجزنا اللغوى ومحاولة تفسير ما يحدث، تتمثل فى لجوء بعض الفلاسفة والخبراء والباحثين إلى موروث إصطلاحى غادرنا مع سياقاته التاريخية لوصف بعض الأزمات العالمية، ومن أبرزها إطلاق اصطلاح حرب باردة جديدة على ما يحدث من توترات فى العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، أو الأزمة الدبلوماسية بين بريطانيا وروسيا على خلفية تسميم جاسوس روسى مزدوج وابنته وطرد عديد من الدبلوماسيين على نحو متبادل بين الدولتين ومع بريطانيا أمريكا ودول أخرى. هذا الاصطلاح يبدو مثيرا وجاذبا، ولكنه غير دقيق لأن الحرب الباردة تمت فى سياقات تاريخية ودولية مختلفة، وانقسامات أيديولوجية حادة ومساحات واسعة من الصراع والتوتر الإيديولوجى بين الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية، وبين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والمعسكر الرأسمالى العالمى، عالم الحرب الباردة توارى عقب سقوط حائط برلين وانهيار الاتحاد السوفيتى.
خذ أيضا الأزمة بين الولايات المتحدة والصين حول فرض رسوم جمركية متبادلة على بعض الصادرات من المنتجات والسلع المختلفة، هل هى حرب اقتصادية؟ هل تتوافق مع مبدأ حرية التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية فى هذا الشأن؟ هل هى عودة للنزعة الحمائية فى عالم معولم وما بعده؟
وقائع الأزمات السابقة، ومسمياتها التقليدية تكشف عن، «إن ما يحدث هو على درجة من التعقيد أكبر من أن نفسره بتلك الطريقة البسيطة المريحة التى نتخيل من فرط سذاجتنا أنها طريقة كافية.» على نحو ما يذهب زيجمونت باومان. هل نحن أمام لعبة شد أطراف أم عالم من السيولة والاضطراب وعدم اليقين؟ أم إننا إزاء عالم متصدع ومفتت أو مضطرب؟ كيف نصف هذا العالم وأزماته؟ هل نحن إزاء عالم ما بعدى، ما بعد... بعد الحداثة، ما بعد العولمة؟ أم نحن إزاء عالم الثورة التقنية الرابعة؟ أم إن هذا الوصف لا يعبر سوى عن التحول الهائل والسريع فى المجالات التقنية الرقمية وانعكاساتها على الإنسانى والطبيعى ومن ثم على مألوف الحياة الإنسانية وتغيراتها؟ يبدو أننا إزاء عالم متداخل فى إطار عملياته التكوينية بين بعض من الماقبل والمابعد معًا فى تواشج وصراع وتناقض وتوافق فى بعض الأحيان، ومن ثم نستطيع فهم هذا التجاور بين التناقضات، والتعايش فيما بينهم فى إطار جدلى.
عالم من المخاضات الكونية وما بعدها، هو الذى يعطى بعضا، من التفسير للتناقض بين حرية التجارة العولمية، وبين النزعة الحمائية التى تعبر عن المخاوف من الانفتاح على عالم بلا حدود فى الأسواق العولمية فى عديد المجالات، عالم هادر بالتغير السريع الذى تقوده الثورة الرقمية وتغييراتها المتلاحقة فى العمق للتكوين الإنسانى الطبيعى ومألوف أنماط حياته وتراثاته الإنسانية، ومواريث ذاكرته الجمعية، وسلوكه الاجتماعى ودوافعه ومشاعره وحواسه. تحولات كيفية تمس مفهوم العمل والزمن والمكان. العمل الرقمى أخذ فى الحلول كبديل عن أنماط من العمل الذهنى واليدوى والتقنى التى ألفناها، وهو ما تجلى فى استغناء عديد من الشركات الكبرى عن عمالة أصبحت تقليدية فى فروعها المخصصة لبيع الخدمات التى انتقلت إلى البيع والشراء بواسطة مواقع على الواقع الافتراضى. من ناحية أخرى دخول الإنسان الآلى «الروبوت»- إلى مجال العناية بالمرضى وكبار السن فى منازلهم باليابان، التطورات النوعية تشمل الثورة الجينية، وعلاج بعض الأمراض الخطيرة. هذا الانتقال من الإنسان الطبيعى إلى الإنسان الرقمى بكل تداعياته يثير عديدا من المخاوف فى التكوين الإنسانى السوسيو- نفسى، والاجتماعى من تزايد البطالة، وتضاؤل الفرص فى إيجاد العمل لعشرات الملايين، والبحث عن أشكال للتكيف وإعادة التأهيل لمواكبة تطورات وتطبيقات الثورة الرقمية وتحولاتها النوعية.
تناقضات بين نمط السياسة والسياسيين لأجيال ما بعد الحرب العالمية الثانية، إزاء أجيال جديدة تتشكل حول الثورة الرقمية وأخيلة سياسية جديدة، تدور حول الصراع حول الذكاء الصناعى، والاقتصادات الرقمية وعمليات التكيف معها، وفى ذات الوقت التدافع بين أنماط تفكير سياسى متصادمة، بين العقل السياسى الساعى لإعادة بعض أنماط القومية ومفهوم السيادة والحمائية، وبين احترام مبدأ حرية التجارة والأسواق الكونية واتفاقياتها، بين السياسة الرقمية وبين الشعبوية، فى هذا السياق نشهد صعود الشعبوية، وما بعد الحقيقة، وتآكل بعض الأنماط التاريخية من الأحزاب السياسية الليبرالية واليسارية والوسطية فى فرنسا على سبيل المثال، وصعود اليمين المتطرف، يلاحظ أيضا محاولة التكيف بين بعض قادة العالم الأكثر تطوراً وبين الرقمنة من خلال خطاب التغريدات لمخاطبة جمهورهم ومواطنيهم والعالم من خلاله، وهو ما يظهر من خطاب التغريدات الحاملة لجنوح ترامب وتوتره وتناقضاته ونقص خبراته السياسية وشعبويته بديلا عن الخطاب الاستراتيجي. تناقضات ومخاوف إزاء عالم يبدو متصدعا، ومفتتا وخارج السيطرة على نحو ما كان سائدا فى أثناء الحرب الباردة وما بعدها، وفى مرحلة الإمبراطورية الأمريكية.
عالم السياسى الشعبوى رجل الأعمال، وميسر الصفقات الاقتصادية والمالية الضخمة مقابل دعم أنظمة شمولية وسلطوية، بينما العالم يشهد صعود القوة الذكية، والذكاء الصناعى، والاستنساخ، وتجاوز الثورة الرقمية والجينية لأى قيود رسمية وقانونية ودينية، عالم متصدع ومتنازع، حيث ستتلاشى فى المستقبل 40% من الوظائف كنتاج للذكاء الصناعى، والفجوات المتزايدة فى التوزيع غير العادل للدخول فى ظل مخاطر جيو- سياسية من الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب، سيكون أكثر هشاشة وفق كلاوس شواب. من ثم نحن إزاء عالم المابعديات الأكثر هشاشة وتفتتا، والأكثر تطوراً وتغييراً فى التكوين والطبيعة الإنسانية، إنها لحظة مخاضات كبرى.
لمزيد من مقالات ◀ نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.