وقف الصفر أمام المحكمة بتهم عديدة: منها الخيانة والتزييف والدجل. كان يرتعش ويتلعثم فى الحديث. تحدث القاضى بصوته الخشبى، ثم استمع للشهود على جرائم الصفر المتعددة. لم يفهم الصفر معنى الجرائم التى كانت موجهة إليه. لم يفهم حتى إنه فى دار قضاء، بل ظل واقفاً وحيداً فى القفص ينتظر صفراً آخر يقف إلى جواره. وضع أصبعيه فى أذنيه وأغمض عينيه وابتسامة بلهاء على وجهه.. بعد أن نسبوا إليه التهم كلها، لم يدافع عن نفسه، بل عشق السجن والقيود. كان خياله الجامح يحمله خارج السجن كثيراً، يحاول أن يكون رقماً آخر. فى السجن، عرف أنه مسئول عما يحدث حوله من الخداع، وبأن القضية أكبر من تصوراته وبأن خيالاته كلها زيف؛ فعلق المشنقة لنفسه فى الجدار وقرر أن يخلص العالم من الشر الذى تيقن أنه سبب فيه. عاهرة عندما رفضته ,اتهمها بأنها ضاجعت كل رجال القرية، رغم أنه يعرف تماما أنها لم تضاجع سوى الكلمات فى دفترها القديم. صدق الناس كذبه فصلبوها على جذع نخلة.. قبل الغروب نزفت بغزارة لتلد قصيدة.