عانت مصر من تدنى معدلات المشاركة السياسية طوال مشاهد انتخابية سابقة بسبب فقدان الثقة بين المجتمع والسلطة السياسية، إلا أن تلك الظاهرة بدأت فى التراجع النسبى بعد يناير 2011، حينما بدأ المواطن يشعر بقدرته على التعبير وبقيمة صوته الانتخابى والأهم قدرة هذا الصوت على حسم الخيارات المجتمعية والسلطوية، ومن ثم بدأت ملامح انخراطه فى المشاهد الانتخابية بوصفها اللحظة التى يشعر فيها بكونه صاحب قرار فى حسم التنافس السياسي، إلا أن هذا الشعور فى حاجة للترسيخ ومد جذوره داخل المجتمع حتى يتحول لثقافة سياسية مستدامة.. فى البداية يعتبر د. محمد شومان عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية أنه لابد من المشاركة الفعالة بالانتخابات الرئاسية، فلكى نحقق نسبة مشاركة عالية لابد من تشجيع عشرات الملايين من الموطنين للإدلاء بأصواتهم بالمعركة الانتخابية، وتلك المشاركة تعتبر تحديا قويا للعبور من هذه المرحلة الصعبة، ويوضح أن إقناع المواطنين وتوعيتهم يأتى عن طريق وسائل الإعلام، من خلال برامج تثقيفية مدروسة تتناول الموضوع بشكل متدرج من الآن وحتى يوم الاقتراع بالداخل، ولكن للأسف يقوم بعض الإعلاميين بالتركيز فقط على هذه المسألة قبل ميعاد الاقتراع بيومين أو ثلاثة أيام وفى نفس يوم التصويت وهى فترة ليست كافية بالطبع لتثقيف وتوعية المواطن ليقوم بدوره السياسى تجاه وطنه. فيما يرى د. ياسر عبد العزيز خبير الإعلام وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن الانتخابات ستكون محط أنظار المجتمع الدولي، لأنها جزء من العملية الديمقراطية، فالشعب على قدر كبير من الوعى الكافى للدخول والمشاركة فى العمل السياسى واختيار مرشحه. أما د. شوقى السيد أستاذ القانون والفقيه الدستوري، فيؤكد أن المشاركة حق ومن أهم الواجبات الدستورية للمشاركة فى إدارة شئون البلاد من خلال التصويت فى الانتخابات الرئاسية لأنها تعتمد على اختيار الرئيس لفترة زمنية محددة، وأى إخلال فى أداء هذا الواجب هو إخلال بحق دستوري، وتخاذل واضح وصريح . بينما يرى د. إيهاب الخراط نائب رئيس الحزب الديمقراطى الاجتماعى للشئون التشريعية والبرلمانية أنه يجب أن ندرك أن العملية السياسية «متنوعة» ومن حق المواطن أن يقوم بواجبه فى المشاركة بالعملية السياسية، وهذه المشاركة تتضمن اختيار أحد المرشحين، أو الذهاب للصناديق وإبطال الصوت، فكلها تعتبر عملية تسمى بالمقاطعة الواعية وهى موقف سياسي. ويؤكد د. فوزى السيد عبد ربه أستاذ اللغة العربية بجامعة الأزهر أن المصلحة العامة للمجتمع أن يقوم كل مواطن بدوره وواجبه الحقيقى تجاه وطنه عن طريق المشاركة فى الحياة السياسية لكى يحقق المصلحة العامة للمجتمع، أما إذا تقاعس عن أداء واجبه نحو تحقيق هذه المصلحة العليا فلن يتقدم المجتمع. بينما يوضح د. محمود كبيش أستاذ القانون الجنائى وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، أنه يجب توعية المواطنين عن طريق الإعلام بأن الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات المقبلة، هو حق وواجب، فيجب على الفرد أن يلتزم بحقه الديمقراطى فى المشاركة السياسية عن طريق التصويت لأن القانون فرض عقوبة على عدم التصويت فى الانتخابات، وعلى عدم مباشرة هذا الالتزام لأن المواطن له دور مهم وأساسى وفعال فى اتخاذ القرارات المصيرية التى تتعلق بمصلحة الوطن فلابد من إبداء رأيه فى عملية التصويت، وأن يحس المواطن بأن لديه صوتا وهذا الدور يجب أن يتناوله الإعلام لتوعية المواطنين.