أصبح المجتمع يطلب من الإعلام أداء دور واسع وكبير فى القضايا الوطنية والعامة وأن لايقتصر دوره على مجرد نقل الأخبار والمعلومات للاحداث اليومية وألا يهتم ببعض الأخبار التى تشتت إنتباه الرأى العام ، وتؤثر سلبا عليه وتنشر الأحباط وتساهم فى الشائعات ، وتعتبره أطراف فاعله فى المجتمع فى صميم المسؤلية الأجتماعية للأعلام. ربما لايتناسب جزء من طلبات المجتمع مع الإنتشار الهائل للمواقع الألكترونية والفيس بوك وتويتر وأستخدام الموبايل فى التصوير ونقل الاحداث باليوتيوب وبروز دور صحافة المواطن الناقل للخبر والناقد لما حوله ،وإهتمام الجمهور مساء كل يوم ببرامج التوك شو فى الفضائيات والجلوس أمامها حتى منتصف الليل لكى يتشبع بما تسرده ويتأثر بها بشده.. لم يعد الصحفى وحده فى ميدان نقل المعلومات ، ولم تعد الصحافة المكتوبة الوحيدة التى تحرك مشاعر وآفكار الرأى العام ، وأصبح هناك لاعبين جدد داخل مصر فى التليفزيون والفضائيات والفضاء الالكترونى ،يؤدون أدوارا متعددة للأعلام ونقل المعلومات بل هناك شركات متخصصة تلعب هذا الدور ومراكز استطلاع للرأى والذى ظل حصريا لبعض الصحف لسنوات عديدة. نحن أمام مجتمع مفتوح تتحرك فيه المعلومات بسهولة ويسر وتشكل فكر ووجدان القارىء والمشاهد ، ولايستطيع أحد التدخل والتأثير فيها بسهولة ، فبعض الأحداث الفردية اليومية يتم تضخيمها على المواقع الالكترونية والصفحات للتواصل الاجتماعى وتصبح حديث المجتمع. نريد إن يتطور هذا المجتمع الإعلامى ليصبح مجتمع للمعرفة منتج لها ليس فقط فى مجال الأخبار عن الاحداث العامة التى تدور فى المجتمع ولكن منتج للعلم وناقل له، و منتج ومهتم بكل مفردات التعليم والتكنولوجيا ييسرها وينشرها ، ويتعامل بجدية مع البحث العلمى والنشر الالكترونى له لتوعية المجتمع وتثقيفه به ، ليتحول دور الاعلام من مجرد التسلية والترفيه الى لعب دور مؤثر فى التوعية والمعرفة المتكاملة. ويطهر جليا هذه الأيام التى تعيشها مصر وهى تستعد لإجراء الانتخابات الرئاسية وقرب انطلاق فترة الدعاية الانتخابية للمرشحين ،التى تعتبر العنصر الرئيس فى مرحلة ماقبل التصويت ،وينتظر أن يلعب فيها الإعلام دورا مهما بكل مكوناته المكتوب والمسموع والمرئى فى نقل تفاصيل الحملات الانتخابية واللقاءات الجماهيرية للمرشحين وبرامجهم الانتخابية، لدور الاعلام فى أخبار الرأى العام والمواطنين الناخبين بها وتشكيل توجههم ووعيهم ليستطيع المواطن الناخب تحديد وجهته ووميوله للتصويت بأرادته الحرة ، وهو ما يضعنا أمام تحدى كبير لأنه على طول الفترة التى تلت ثورة يناير ويونيو، والتى شهدت نحو 18 عملية انتخاب واستفتاء لم تشهدها دولة فى العالم خلال سبع سنوات .. وسط هذا الزخم طفت فوق السطح سلبيات عديدة للتغطية الاعلامية تمثلت فى النقل العشوائى للبيانات والمعلومات دون التأكد من صحتها ولجوء الاعلام لمصادر مشوهه وضعيفة وغير ذات قيمة وتضر المجتمع، وعدم ضبطه لاستخدام المصطلحات الانتخابية مما أدى لنشر مصطلحات غير دقيقة وأصبحت متداوله فى المجتمع ،ونشره لاستطلاعات للرأى العام لاتتبع القواعد السليمة وتجرى على عينة محدودة ولاتمثل فئات المجتمع وتستخدم كمؤشر لتوجهات الرأى العام ،وهو غير صحيح . وتناسي الاعلام عدة أدوار أساسية خلال تغطيته للامتخابات العامة هى دوره فى التوعية الانتخابية ،وتعزيز المشاركة السياسية ، والاهتمام بدعم مشاركة كبار السن والمرأة والمعاقيين من الفئات الضعيفة والمهمشة ، والوصول للمواطنين بالريف والصعيد والمناطق الصحراوية من خلال معرفة معوقات المشاركة والتصويت ،ليكون للاعلام دور فاعل حقيقى على أرض الواقع ، والرد على تساؤلات الرأى العام بشإن العملية الانتخابية،وتقييم الاداء الحزبى ،وتقييم أداء القوى السياسية ، بما يعزز من تكامل دور الاعلام فى تعريف المواطنين وتوعيتهم بكل مكونات عملية الانتخابات وسيرها . نحتاج لدور واع وجديد يلعبه الإعلام خلال الانتخابات الرئاسية الحالية التى يتنافس فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي والمرشح موسى مصطفى موسي رئيس حزب الغد ، لتكون نموذجا جديدا لدور الاعلام فى التغطية الاعلامية يتم البناء عليه فى باقى الانتخابات العامة القادمة، ولن يتحقق هذا الأمر بسهولة ألا من خلال تدريب حقيقى للأعلامين ومستمر وتوعيتهم باجتياجات الرأى العام خلال هذة المرحلة وطرق التغلب على السلبيات التى تحدث فى عملهم خلال فترة الانتخابات . لان الإعلام الواعى يشارك فى البناء والاعلام الضعيف يتلاشي دوره تدريجيا ،وتحل مكانه تيارات أخرى مضره بالوطن واستقراره ،وتتحمل الهيئة الوطنية للصحافة والمجلس الأعلى للاعلام والهيئة الوطنية للانتخابات جزءا من مسؤلية المساهمة فى تحسين دور وأداء الاعلام خلال فترة الانتخابات ، ومراقبة أداء الاعلام وتحديد أوجه القصور والتجاوزات والمحاسبه عليها وعدم تركها تمر مرور الكرام ،نحتاج لمرحلة تصويب للأخطاء بجدية وفاعلية ، وإن تتحمل باقى المسؤلية بشجاعة وقوة وسائل الاعلام نفسها والصحفيين والاعلاميين والقائمين عليها، نحن أمام فرصة ذهبية ليرتبط فيه الاعلام إكثر بقضايا الوطن والمجتمع. لمزيد من مقالات عماد حجاب;