قررت وزارة الرى والموارد المائية تخفيض المساحة الخاصة بزراعة الأرز فى العام المقبل بنسبة 30% بما يعادل 300 ألف فدان، وقد يتبادر إلى الأذهان أن هذا التخفيض مرجعه ما يثار عن الآثار السلبية المتوقعة من سد النهضة فى إثيوبيا، ولكن السبب الحقيقى غالبا لهذا القرار هو محدودية حصتنا المائية الثابتة على مدار ستة عقود والبالغ 55٫5مليار م3 فى حين تضاعف عدد السكان بنحو أربعة أمثال عندما تقررت تلك الحصة غير العادلة، حيث كان يتعين المطالبة بزيادتها بصفة دورية لتتوافق مع التنمية ومشروعات الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي، خاصة فى السنوات التى كانت فيها علاقاتنا بدول حوض النيل قوية ومتميزة.. وليس ثمة شك فى أن الزيادة السكانية بالمعدلات الحالية، والتى تبلغ نحو مليونى نسمة على الأقل كل عام قد أدت إلى دخولنا فى مرحلة الشح المائى حتى أصبح نصيب الفرد أقل من 600م3، بينما الحد الأدنى لهذا الشح هو 1000م3، ومن الطبيعى أن يترتب على تخفيض المساحة المخصصة لزراعة الأرز بهذه النسبة الكبيرة عدة نتائج منها على سبيل المثال ما يلي: 1 عدم إمكان تصدير الأرز لأن المساحة المقننة لزراعته تكاد تكفى الاستهلاك المحلي، وبالتالى حرماننا من عائد التصدير لهذا المحصول الحيوي. 2 من المؤكد أن مزارعى الأرز والتجار سوف يلجأون إلى زيادة سعره نتيجة لتأثر الكمية المعروضة بعد قرار تخفيض المساحة. 3 قد نضطر لاستيراد الأرز من بعض الدول الآسيوية لسد الفجوة الغذائية من هذا المحصول الحيوي، رغم أن معظم المستهلكين لا يحبذون نوعية الأرز المستورد. 4 زيادة معدل استهلاك المكرونة والخبز، وبالتالى زيادة كمية الاستيراد من القمح. وللاعتبارات السابقة ينبغى اتخاذ عدة سياسات عاجلة لمعالجة الآثار الناتجة عن تخفيض المساحة المخصصة للأرز على النحو التالي: 1 إستيراد تقاوى الأرز التى تنتج محصولا وافرا، وغير شرهة للمياه، أو التى يمكن زراعتها بمياه شبه مالحة. 2 بحث إمكان الاتفاق مع دول حوض النيل التى تتوافر فيها المياه بدرجة كبيرة لزراعة الأرز وبعض المحاصيل الأخرى فى أراضيها واقتسام المحصول معها وفقا لبروتوكول ينظمها والمساعدة الفنية اللازمة لها. 3 الإسراع فى تدبير موارد إضافية من المياه مثل: المعالجة الآمنة لمياه الصرف الزراعى والصناعي، وتحلية مياه البحر، والبحث عن مصادر جديدة للمياه الجوفية، وتفعيل منظومة الاستهلاك الرشيد للمياه، وتقليل كمية الفاقد إلى أدنى قدر ممكن، وإعادة النظر فى التركيب المحصولى كل فترة، بحيث يتم التركيز على المحاصيل غير الشرهة للمياه، وتفعيل الرقابة المستمرة على مسطح النهر والقضاء على ورد النيل بجميع الطرق، والاهتمام بعدم إلقاء أى مخلفات صلبة أو تصريفات المصانع فيه. 4 تفعيل برامج تنظيم الأسرة، بحيث تتضمن حوافز إيجابية أو سلبية لمعالجة الزيادة المطردة فى عدد السكان، ونأمل أن يتم التعاون والتفاهم للحفاظ على حصتنا المائية الثابتة على الأقل، وأن يتم ذلك بتعهد موثق دوليا من الجانب الإثيوبى الذى تربطنا به روابط تاريخية قوية. محمد فكرى عبد الجليل